الأحد، 15 مايو 2011

قراءات في ديوان بحبر الروح للمرحوم الشاعر المغربي محمد رزقي


هاتان قراءتان لديوان "بحبر الروح" للشاعر المرحوم محمد رزقي ، ألقيتا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ، جامعة القاضي عياض بمراكش يوم 13 فبراير 2007 في ذكرى تأبين الراحل من طرف زملائه الأساتذة . وأستسمح الزميل الصديق الدكتور عبد العاطي بانوار في نشر قراءته نظرا لأهميتها العلمية .

 

استهلال

وبعد صلاة الجنازه
انقشي على شاهدة القبر
برعاف الروح
( هذا قدر الشعراء
من لم يطحن غوامض أحشائه
سم السلطان
سرى في نسغ روحه
حنظل الهوان
أو باغت زين شبابه تنين السرطان
)

القراءة الأولى
الكون الشعري في ديوان بحبر الروح

د علي المتقي

1 ـ ديوان بحبر الروح للمرحوم محمد رزقي مجموعة قصائد كتبت ما بين 1985 و 1993، إلا أن الشاعر أعاد كتابتها مرات متعددة حتى لم تـبق علاقة بين النصوص الأولى وبين النصوص التي نشرت في الديوان. وكانت آخر التعديلات سنة 2005 بعد إصابته بالداء العضال، فانعزل عن الأصدقاء ليتفرغ لتنقيح ديوانه و إخراجه على الصورة التي بين أيدينا بعد أن صبغه بلون القتامة والمأساة. هذه القصائد هي حبو الحروف ـ كبوة الفخ ـ جراح المرآة ـ من حراء النمل والحنين ـ بوار الحكمة ـ توائم الصعلكة ـ عمت ثكلا ـ وصية بحبر الروح.
تختزل هذه العتبات عالم الشعر عند الشاعر محمد رزقي، إذ تبتدئ بالحبو الذي يرتبط بالطفولة لتنتهي بالوصية الذي توحي بعالم الموت و النهاية. و بين المرحلتين: مرحلة الحبو و مرحلة الوصية، يمتد مسار حياة موشوم بالكبوات تلو الكبوات، وكأن حياة الشاعر حياة آلام و مآس لا تنتهي. فعلى الرغم مما يوحي به الحبو من حركة وحيوية و نمو، وعلى الرغم من أنه يبدو ناجحا من خلال إدماج الحروف في ما يحيط بعالم الطفولة من أشياء وتفاصيل بسيطة تشكل عالم الطفل المألوف والحميمي، إلا أن هذا الحبو ينتهي بكابوس التعليق من الأذن وتشريب المداد. واختطاف الموت سعاد لكي لا تكتمل السعادة.

أراني في مرآة الذاكره
كنت أغطس الريشة
في ذواة الزجاج
وأحذر فوق البياض
كبوة المداد
لأذرأ على أناملي
عقرب العقاب.
أصيلا ....
و الأنامل تجر الحروف الحرونه
إلى لجام السطر
أطال مرفق صاحبي
حبو ألفي
حتى تكسر منقار ريشتي
وصبغ الحبر الأزرق
بذلة المعلم البيضاء
فزلزل رعد صوته
شرود الفصل
وبلل زبد الغضب
نضارة الخدود
( قف على رجل واحده
يداك في الهواء
عيناك على الجدار
و أنت لولا النجابه
لعلقتك من اذنيك
و أشربتك المداد)
(..............)
قبل يومين
اختطف طائر الموت
شقيقتي الرضيعه
كنا سنسميها سعاد
لكن قتكة الردى باغتتها
قبيل عقيقة الميلاد
وإذا كان الفخ لعبة تستهوي الأطفال وتبرز شطارتهم، يأبى هذا الفخ في كبوة الفخ إلا أن يصطاد أنامل الطفل بدل اصطياد الطيور الزرق و ذكر الحمام.
فجأة....
درجت صوب حتف فخي
حمامه
فأسرجت صهوت خوفي
لأعيد البراءه
إلى القمح المتاح
لسعت قلب سبابتي
عقرب الحديد
رقرقت دمعتي
حثوة من تراب.
    وفي جراح المرآة التي تشكل بؤرة الديوان تتوالى الجراح اللاحق منها يعمق السابق، إذ تؤرخ لجراح الشاعر من الرضاعة إلى الكهولة ،فجرح الطفولة يتجسد في انقلاب القُبلة إلى الفم دون أن تصل إلى الشبيه الغريب الذي بالمرآة، فيطوف الرضيع حول نفسه كما يطوف عصفور أدمت جناحه قضبان القفص الأول .
    وفي مرحلة الطفولة تخذله السور الطوال فلا يرى في المرآة سوى وجه موشوم بجمر السراب و خدوش الأغصان الجارحة.. و في مرحلة الشباب يخذله الأمل ليرى نفسه في المرآة كناظر من حبل المشنقة إلى يأس السماء. وفي سن الكهولة يرى سماء الكهولة وحشا يغرس أنيابه في زين الشباب.
       إن هذه المرايا المتعددة بتعدد مراحل العمر لا تنقل الصور الخارجية الظاهرة كأي مرآة عادية ، وإنما تنقل إلينا صورا داخلية بأحاسيسها وانفعالاتها وسوداويتها ، بل تتجاوز الصور الآنية لنقل صورة المستقبل القاتمة:

أحني رأسي
كالكافر يوم الحساب
فأرى دود القبر
ينحتني هيكلا من عظام
وجمجمة أبدية الابتسام.
وفي قصيدة من حراء النمل و الحنين كان الطفل يقطع رؤوس النمل ، فإذا بنملة صغيرة تسرقه من رعشة الحلم إلى حريق الورم و عذاب السهاد، وتقفل أمامه أبواب القوافي.
     و في قصيدة بوار الحكمة يسير كل شيء فجأة نحو البوار، و كأن البوار مخطط له ومقدر سلفا، فتنتهي الدائرة بالتمني المستحيل.
و     في وصية بحبر الروح تتأخر بثينته المستحيلة رمشة عين، فلم ينشدها الشاعر مطلع قصيدته البائرة، و لم يحملها قبلته إلى الأم الثكلى ولم يوصها بهريرات القطة الحبلى، ولم تنقل الوصية المكتوبة بحبر الروح .

تلك تجربة الشاعر ذات الرؤيا المأساوية للعالم. كلها ألم ولا مجال فيها للأمل .
وعلى الرغم من تقاطع هذه التجربة مع تجارب شعراء سابقين ،إلا أن تجربته تتميز بفردانيتها، ومتحها من عالم تلقائي عفوي بسيط هو عالم الطفولة بأشيائه البسيطة وتفاصيله الجزئية التي تضيء تجربة الشاعر الإنسانية وتميزها عن تجارب الكثير من الشعراء المعاصرين المشحونة بالهم المجتمعي والسياسي .
انطلاقا من هذا العالم الفرداني الخاص يطور ديوان بحبر الروح حشدا من التفاصيل المنسوجة من ذكرى الطفولة الجميلة التي ظل الشاعر مشدودا إليها ، إلا أن كابوس الحاضر والمستقبل هيمن عليها ووسمها بسوداويته فرأى السل و السرطان والموت في كل شيء، في سنبلة الحصاد وفي توقيع الأب الذي يزل عن السطر كما يزل العمر بفتكة السرطان . وبذلك بني الديوان كله على المفارقة المأساوية بين الأمل و الترجي و الشغب الجميل الذي عاشه الطفل، وما انتهى إليه كل هذا من خيبة الآمال و التمني المستحيل .
وقد استطاع الشاعر من خلال هذا العالم العفوي والتلقائي بناء تجربة وجودية بامتياز تقارب المعضلة الكيانية للوجود الإنساني، وهي صراعه مع القدر وما يترتب عنه من قلق عاشه الشاعر في صمت ، والقبول بنهايته الحتمية وتحوله إلى جزء من هذا العالم الذي يدور دورته العادية و ينتهي إلى الأفول .فقد انطلق الشاعر من تجربة حية معيشة أساسها المفارقة بين ما يطمح إليه فارس الصبيان صاحب الخط الجميل، وما انتهى إليه قبل الأوان، فاختار الانسحاب من الوجود المزيف عن وعي و الكف عن الثرثرة بالمعنى للوجود للكلمة، و التوجه نحو القلق، وهذا الاختيار هو الاختيار الأصيل الذي يهب الإنسان وجودا أكثر حقيقة و أكثر أصالة. وبفضل هذا التصميم انتصر على الفناء و الموت المجاني بإعادة كتابة قصائده و تحويلها من قصائد بائرة إلى قصائد تنبض بالحياة لا يلحقها الفناء .إذ صارت بمثابة العمل الصالح الذي حولنا إلى قراء صالحين كلما قرأنا الديوان إلا وترحمنا عليه.
2 ـ هذا عن تجربته الإنسانية فماذا عن الصياغة الفنية لهذه التجربة .
أولا لا بد ان نشير إلى حضور تجارب متعددة في الديوان يتناص معها الشاعر فنيا تفصح عنها تلك العتبات الاستهلالية المتعددة وبشكل خاص أمل دنقل وصلاح عبد الصبور وعبد الرحمان الأبنودي ويحيى الطاهر عبد الله والبياتي وغيرهم فقد كان حضور هؤلاء كلهم بالإضافة إلى شعراء العربية العظماء من الصعاليك إلى المتنبي حضورا قويا على مستوى التجربة الشعرية الإنسانية إذ يتقاطع كل هؤلاء وغيرهم مع الشاعر في رفضهم لعالم المدينة وتمسكهم بعالم القرية العفوي التلقائي، و إحساسهم بالمفارقة بين تصورهم لهذا العالم وخيبة أملهم فيه.
و بالمقابل كان حضور الشاعر احمد المجاطي، الذي ولد في البيضاء وارتبطت تجربته الشعرية بعالم المدينة في صورتها الإيجابية على مستوى الصياغة الفنية. فكبوة الفخ صيغت على منوال كبوة الريح . ومن حراء النمل و الحنين صيغت على منوال قصيدة الخوف للمجاطي مع تعديل بسيط تحولت معه الكلمة الصغيرة إلى نملة صغيرة والتجربة السياسية إلى تجربة فردانية يعيشها الكثير منا يوميا، لكن الشاعر وحده استطاع التقاطها وتحويلها من تجربة معيشة إلى تجربة شعرية. فالكلمة الصغيره عند المجاطي على الرغم من صغرها وبساطتها تحجب وجه الشمس وتزعزع جهازا امنيا بأكمله. والنملة الصغيرة عند رزقي على صغرها تفحم نبي الله سليمان وتسرق الحلم و تشعل في الجسد حريقا وعذابا، وتستعصي على القوافي.
للقضاء على الكلمة الصغيرة يُستنفر الجهاز الأمني كله، و لترويض النملة الصغيرة يستدعي الأمر استنفار سورة النمل وغربة الحنين . وكما تكررت الكلمة الصغيرة عند المجاطي على امتداد النص بأكمله تكررت النملة الصغيرة على نفس المنوال عند رزقي .
ويتجاوز الأمر التناص على مستوى البناء إلى الصياغة على منوال تراكيبه و جمله الشعرية .فقد قال المجاطي في قصيدة الحروف : نفط على قمر نهد على حجر وتنهمر الحروف .وقال المرحوم محمد رزقي : أرق على قلق قلق على أرق و تنأى القصيدة .
3 ـ من أين يكتسب الديوان شعريته.
على الرغم من حضور التوازي الذي يعوض الوزن بشكل ملفت للنظر ، فإن ما يميز القصيدة الشعرية عند محمد رزقي هو صورته الشعرية المبنية أساسا على التشبيه، فعلى الرغم من بساطة هذا المكون، فإن الشاعر على غرار الماغوط استطاع بناء صور نادرة من عالمه البسيط المحيط به فإذا بالأبجدية المعقدة تتحول بقدرة الصورة الشعرية إلى جزء من العالم الأليف المحيط بالطفل فالحاء ليس سوى منقار قبرة، و الميم عكاز جد، والنون قوس قزح، والصاد طاقية حج، ومما يزيد هذه الصور شعريةً هو بناؤها على التفاصيل فما من تشبيه إلا وفصل فيه وذلك بتحليل أجزاء الصورة ثم إعادة تركيبها بكيفية تسمح بإبراز الأوصاف الخفية التي لا يأتي عليها الوصف المجمل .لكن التشبيه عند الشاعر محمد رزقي في تفصيلاته يختلف كليا عن التفصيل كما وظفه القدماء ونظر له البلاغيون و بشكل خاص الجرجاني. ذلك أن هذه التفاصيل ليست حسية مرتبطة بالحواس (البصر بشكل خاص) و إنما جاءت مرتبطة بالإحساس فهي لا تضيف ولا تغير الشكل وإنما تضفي على التشبيه بعد ذاتيا فردانيا لا يراه إلا الشاعر وحده ، وهي خاصية يتميز بها التشبيه عند الماغوط أيضا ، وبذلك استطاع رزقي أن يمنح هذا المكون البسيط بعدا شعريا متميزا ، فالحاء لا يشبه أي منقار ولكنه منقار قبرة حار بين عذاب الصوم وفطور الفخ، فالشاعر يقارب بين الشكلين لكن الوصف الذي وصف به المنقار ( حار بين عذاب الصوم وفطور فخي ) لا يغير من شكل المنقار و إنما يضفي عليه إحساسا قريبا من إحساس الشاعر وهو يحاول رسم حرف الحاء. والميم لا يشبه أي عكاز و إنما عكاز الجد وقد أتلف القبلة بعمى البصر ،والنون لا يشبه قوس قزح وإنما ذلك القوس وقد قلبه خيال الطفل على الظهر، والواو يجمع بين صورتين متناقضتين تماما تقلب كل تصور نظري يفصل بين حالتي الفرح والبكاء، إذ يجمع بين السوط يخطئ الساق ليطوق معصم الجد وبين ذيل الكلب شاكرا واهب الطعام.
وإذا كانت أشياء الطفل البسيطة قد حولت الأبجدية من أشكال معقدة تستعصي على الرسم والفهم إلى جزء من العالم المألوف مما ساعد الطفل إلى الاستئناس بها وإتقان كتابتها، فإن هذه الأبجدية حولت هذا الأشياء البسيطة والعفوية إلى صور شعرية، ومنحتها طابعها المتميز الذي يسم الكون الشعري عند محمد رزقي .
لقد استطاع محمد رزقي أن يمتح من تجارب شعرية متعددة ومتعارضة أحيانا ليرسم لنفسه كونا شعريا يؤالف بين كل هذه التجارب وليخلق منها تجربة متميزة تجمع بين رصانة اللغة كما نجدها عند المجاطي وأمل دنقل وشعراء العربية القدماء وبين تفاصيل الحياة اليومية كما نجدها عند الماغوط، والحكمة كما عند المتنبي و التجربة الوجودية كما عند مالك بن الرايب وعبده يغوث ، فليضف إذن إلى الشعراء القلائل الذين لم يسعفهم العمر ليقول قصيدتهم الأخيرة ولكن هذه القصائد الثمانية ستمنحه عمرا آخر لا ينتهي وتلك إحدى خصائص الشعر الخالد.





القراءة الثانية

مرايا الحبر
د عبد العاطي بانوار




في مستهل هذه القراءة أشير إلى أننا بصدد شاعر لم يطرق باب الشعر صدفة أو طمعا أو استسهالا، إذ كان نزع ضرس أسهل عليه من قول بيت شعر. إنه لم يقدم على نشر قصائده في الناس إلا بعد أن توفرت له الثقافة الشعرية الضرورية، مما مكنه من استدراجنا إلى عالمه الشعري بشكل عفوي يخفي تمام الإخفاء ما فيه من صنعة و إتقان.
أشير أيضا إلى أنه لا يخامرني أدنى شك في أن حديثي عن المرايا لا يخلو من طموح، وخاصة إذا كنت مرايا من مداد، لأن الموضوع صعب و متشعب، يتوزع على عدة معارف كالفلسفة و التصوف و الانتربلوجيا و التحليل النفسي و النقد الأدبي، لهذا فإن أقصى ما أسعى ليه في هذه المناسبة هو أن أشارككم بعض الارتسامات و الملاحظات الأولية المتصلة بهذا المجال .
لا ينظر في المرآة إلا من يؤرقه هذا السؤال : من أنا ؟ وفي العادة يطرح من قبل من انتهى من خدمة ما : قائد عسكري متقاعد، أو زعيم سياسي معتزل، أو متسابق توقف عن التباري، أو أديب أو مفكر صرف عمره الطويل في التأليف. هؤلاء جميعا قد ينظرون في مرايا تعكس الماضي، مرايا ملساء و صافية لا تعتريها خدوش أو جروح أو شقوق، إنهم لا يطرحون ذلك السؤال إلا لأنهم كانوا يتوفرون على معرفة أو ضمانة قبلية تسعفهم في تقديم الإجابة. فهم يعتقدون أن حياتهم وتجاربهم جديرة بالاهتمام، ويمكنها أن تعود بالفائدة على الآخرين إذا ما اطلعو عليها. من هنا تراهم يكتبون سيرة ذاتية و مذكرات و مدونات متنوعة .
غير أن محمد رزقي ليس من طينة هؤلاء، إذ لم يتصور أبدا أنه قام بأعمال أو حقق إنجازات قمينة بأن يتقاسمها مع الآخرين. والسبب في منتهى البساطة، أن السؤال السابق الذكر، لا يطرحه من هو في منتصف العمر، و إنما يفكر فيه من تقدم في السن و راكم عدة تجارب. و في الحالة التي يطرح فيها في مرحلة الشباب أو انتصاف العمر، يكون مبكرا، وسابقا لأوانه، ومفاجئا لصاحبه. ويعود ذلك إلى اقترانه بنهاية غير منتظرة أو موت وشيك أو قدر لا مرد له.
من هذا المنطلق ، يتأمل محمد رزقي في مرايا ذات شروخ كما يتضح مثلا في قصيدته "جراح المرآة" . حيث يحل الشك محل اليقين و تتوارى الطمأنينة مفسحة المجال أمام القلق.
ومع ذلك ، فإن ممارسة التأمل الذاتي، ولو في مرآة منكسرة، تمنح بعض الطمأنينة و الأمان لبعض الذوات التي يضعف يقينها في هويتها داخل عالم متفجر و سريع التحول و قابل للعطب، مثلما يقوم بتلك الممارسة حتى من ينكرونها من المتشككين و القلقين الذين أعلنوا عن موت الذات .
بصفة عامة ، يمكن القول إن النصوص التي يتكون منها ديوان "حبر الروح" و المقتبسات التي يتضمنها على حد سواء بمثابة مرايا متجاورة، ينظر فيها الشاعر إلى ذاته و يتأمل فيها. وعندما ينتقل من مرآة إلى أخرى فإنه يحمل معه بعض ما رأى في الأولى إلى الثانية ، وهكذا دواليك إلى أن يصل إلى الأخيرة . وعلى الرغم من أن المرآة تخرج بفعل الانكسار من صيغة المفرد إلى الجمع، فإن تلك المرايا تتوحد في قرية أولاد ناصر الواحدة المتعددة التي يحاول الشاعر أن يقف أمامها عاريا. و إن كانت المرآة الأكثر أهمية في نظري ، تبقى مرآة من حبر. وكيفما كان الحال، فإن القاسم المشترك بين هذه المرايا برمتها يتمثل في حالات أو أشياء أو أماكن أو كائنات فقدت إلى الأبد، وتستحيل استعادتها من جديد.
من المرايا المثيرة للانتباه ، مرآة الأم المدورة المسروقة مرتين :

أسرق مرآتها :
( ... صباح السوق
قايضتها مع العطار الأعشى
بحفنة الشعير المسروق ...)
إن سارق المرآة هنا كسارق النار، إذ لا تخفى في هذا السياق رمزية المرآة باعتبارها انعكاسا للمعرفة و الحقيقة، حقيقة الذات التي يسعى الطفل إلى امتلاكها.
أما مرآة الرضيع المتأمل في مقطع جرح الرضاعة من قصيدة "جراح المرآة" فيسوده معجم شعري يحيل إلى عالم السوائل، لعاب وبلل و ضباب و دمع وبكاء و حليب، وهنا أيضا لا تخفى رمزية المرآة بفضل القرابة الموجودة بينها وبين الماء (سائل ) في مختلف صوره. وقد أتى هذا التأمل في إطار عملية استحضار لعالم البدايات و الأوائل :

كنت رضيعا
تتهجى قدماي أول الحبو
فيخذلهما يأس الخطو
و أنامل العذارى
تلوح لدهشة العينين
بالمرآة الأولى
فيكبر سؤالي
ويدمع لعابي
أنوي عناق شبهي
و أشتهي قبلته المبللة
فيحجبه عني جدار المرآة و ضباب نفسي
.....
.....
و عيناي تبحثان
في المرآة الأولى
عن شبهي الغريب.
فعندما يبدأ السؤال ، ثم يكبر تبدأ قصة البحث عن الذات ، ويبدو أن الشاعر الطفل في بحثه عن ذاته مثل صياد بدائي في غابة بكر، لا يتبع خطة بقد ما يتتبع مسارا. ويقودنا هذا المسار إلى تلك البحيرة الكبيرة التي تحدث عنها غاستون باشلار ذات المياه الهادئة حيث يستريح الزمن من السيلان. وتوجد هذه البحيرة داخلنا مثل ماء بدائي ومكان تواصل فيه طفولة ثابتة إقامتها .
إضافة إلى مرآة الرضاعة ، بحث الشاعر في مرايا الطفولة و الشباب و الكهولة و الحنان و الرثاء و الاستدراك . لكن تبقى مرآة الحبر، كما أكدت على ذلك مرارا، هي المهمة على الإطلاق، إذ تطل علينا منذ عنوان الديوان. والحقيقة أننا بصدد مرآة انقسمت نصفين : حبر وروح وفي هذه الحالة تصبح رمزا للانفصال: انفصال الشاعر عن طفولته و أمه وقريته و أشيائه الأولى. إن الحبر الذي كتب به محمد رزقي من لون أرجواني، ويعد كتابة من دم توظف من أجل التعبير عن توحد غير قابل للتدمير، علاوة على أن جروح الشهداء في بعدها الرمزي تشبه بالكتابة. ويختلف هذا الحبر عن الحبر الأحمر الذي يستعمل في أعمال الزخرفة والتزيين. كل هذه الأبعاد يستحضرها غلاف الديوان و لوحته. من هذا المنظور ليس غريبا أن يختار الشاعر لإحدى قصائده عنوان "جراح المرآة و أن ينتقي لمقاطعها العناوين الآتية : جرح الرضاعة و جرح الطفولة و جرح الشباب وجرح الكهولة .
في النطاق ذاته ، تحملنا قصيدة حبو الحروف إلى دفاتر الصبا المكتوبة بالمداد ، وخاصة دفتر الامتحان، بحيث يبعثها الشاعر من قبر النسيان مستحضرا رسم الحروف الأولى .

أرسم الحاء
كمنقار قبرة الخريف
حار بين عذاب الصوم
وفطور فخي
أرسم الميم
كمثلث أعرج
كعكاز جدي
أتلف القبلة بعمى البصر
أرسم لام النهي كقرني حلزون يطل من حراء الجدار
أرسم التاء المربوطه
كأذني أرنب تهم بالفرار

إن الصورة الشعرية عند محمد رزقي باعتبارها مرآة من مداد تقوم على التشبيه في الغالب و تذكرنا بمحمد الماغوط الذي يتفرد بقدرته الخارقة على تحويل أي شيء من الحياة اليومية مهما بلغ من التفاهة و الابتذال إلى شعر مثله في ذلك مثل الكيميائي القديم الذي يحول التراب إلى تبر. فبالنسبة للماغوط لا داعي للسفر بعيدا و لا ضرورة للتحليق عاليا من أجل مراودة الشوارد لأن الشعر قريب منا يحيط بنا من كل الجهات بحيث نجده في زر معطف أو في لفافة تبغ أو في رسالة غرام مدعوكة رميت على قارعة الطريق .
على هذا النهج يسير محمد رزقي في مراياه وصوره إننا لا ننتقل في تشبيهاته من القريب إلى البعيد أو من المألوف إلى الغريب أو من العادي إلى الخارق، و إنما ننتقل من القريب إلى الأقرب، و من المألوف إلى الأشد ألفة، ومن المعتاد إلى المبتذل. إننا إزاء شعرية الحياة اليومية البدوية المتجذرة فيما هو ساذج و مبتذل ومهمش .
لاتعكس الصورة الشعرية عند محمد رزقي إلا عالم البدايات و الأوائل. ومن هذه البدايات التي لا تمحى صورة المعلم الأول

يرقب المعلم الأول
حبو حروفي
فيرسم بالحبر القاني
عبارة مائلة
(... خط جميل
لكن انتبهى الألف
لكيلا يميل ...)
...
دفتر الامتحان
يشهد أني كنت فارس الصبيان
وملاحظات المعلم الأول
تبايعني امير النجابة
بين الأقران
للمعلم الأول حضور قوي في قصيدة "بحبو الحروف" سواء على مستوى تقديم الدرس في الخط كما هو الشأن بالنسبة لمعلم القرية، أو على مستوى تقديم الدرس الأول في الشعر كما هو الحال بالنسبة للماغوط . فحتى عندما يجرفنا تيار النسيان ، فإننا لا ننسى أبدا الدرس الأول الذي تلقيناه في القراءة أو الكتابة أو السباحة ، قد ننسى جميع المعلمين ، لكننا لا ننسى أبدا المعلم الأول .
يتشبث محمد رزقي بما حدث لأول مرة داخل عالم طفولي. يتحدد باللحضة الحاضرة المقترنة بالبداية. و الطفولة حسب تعبير غاستون باشلار ثابتة لكنها حية على الدوام ، خارجة عن التاريخ مختبئة عن الاخرين، متنكرة في قصة تحكى، لكن ليس لها من كيان واقعي سوى في هذه اللحظات من الإشراق ، أي في لحظات وجودها الشعري ، ثم يضيف في السياق ذاته "إن الماضي المجيد الذي نحياه من جديد أثناء حلمنا بذكريات طفولتنا هو بكل تأكيد عالم المرة الأولى . فجميع فصول الصيف في طفولتنا تشهد على الصيف الأبدي. إن فصول الذكرى أبدية ، لأنها وفية لألوان المرة الأولى ". غير أننا في قصيدة "توائم الصعلكة" لسنا بصدد صيف أبدي، و إنما خريف أبدي إذ أهدى الشاعر هذه القصيدة إلى زمن الصعلكة الجميل في خريف الرباط .
من جانب آخر نرى أن محمد رزقي لا يروي محكي الطفولة بواسطة السرد و طرائقه المألوفة ، وإنما انطلاقا من صور ومرايا تحتفظ بها ذاكرتان : الأولى ذاكرة طبيعية وفردية ، تخلت عن وظيفتها القديمة كحارسة للمعرفة الجمعية مثلما كان الشأن في الثقافات الشفهية ، لتقتصر على على معرفة ذاتية صرف تتجسد في تاريخ الفرد ومعرفته بمحيطه الضيق ، بيت الطفولة و ما يؤثثه من جرة السمن المر و البيض الموشوم بكحل الفم و الدجاجة الشمطاء قرعاء الجيد وصندوق العرس و أقراط اللجين... ثم فضاء القرية وما يؤثثه من نباتات و أعشاب وكائنات. أما الثانية فذاكرة اصطناعية تتمثل بشكل عام فيما يزخر به الشعر العربي من صور، وخاصة تلك التي ترتبط بمواقف مصيرية .
لقد نجح الشاعر في تقريب المسافة بين شعر الطبيعية الذي يقطن في الطفولة و الأمومة و القرية ، وشعر الصنعة الذي يقيم في زاوية الرؤية التي ينظر منها الشاعر إلى عالمه الطبيعي . إنه يختلس النظر إلى كونه الصغير عبر شقوق وفجوات من أجل الوصول إلى كون كبير و معانقة فضاء أرحب . من هنا تتظافر جميع الحواس ، من نظر وشم ولمس و سمع بغية إنقاذ الطفولة من الضياع و استعادتها من جديد
غير أن الرغبة الجارفة في استعادة الطفل لا يمكن أن تتحقق إلا بتقديم الراشد قربانا. هكذا يتولد إحساس مأساوي يلتف حول معظم قصائد ديوان بحبر الروح وتوتر دائم بين رموز الولادة و رموز الموت ، على الرغم من بروز رغبة أخرى موازية تحاول تصالح بين النقيضين .
وفي كل الحالات ، فإن الطفولة تسخر من تقسيم الأدب إلى جيد و رديء ، والتمييز بين شعر الطبيعة و شعر الصنعة ، والفصل بين الشعر والسرد، لأنها تشمل بسحرها جميع الآداب ، من هنا نلاحظ على سبيل المثال ، أن خطاب السرد ينعطف انعطافا حادا نحو الشعر بمجرد ما يكون الطفل بطلا في حكاية أو قصة أو رواية .
و من الطبيعي أن يؤدي الحديث عن المرآة إلى نرجس ، لكننا لا ندري إن كان يكتب أم لا . ومن المجانب للصواب أن نختزل هذه الأسطورة في استخدامها من قبل المحللين النفسيين. و يظهر أن محمد رزقي لم يكن راضيا على ذاته ، ولا يحب السطح الأملس بل السطوح الناتئة و الجريحة، لأنه يكتب عن التوتر الحاصل بين نرجسية أولية مرتسمة في صور و أماكن أمومية و نرجسية من درجة ثانية تتصل بالجرح و التمزق و الاعتراف . وما من شيء أشد مضاضة من الاعتراف بموت مؤلف وشيك. إن تجربة محمد رزقي في الشعر والحياة تشير إلى أننا لسنا بصدد نرجس معجب بنفسه، يكتفي بأخذ الصور في مختلف الأوضاع ، وإنما بصدد نرجس يرتمي في البحيرة عندما تدعوه مياهها النائمة. وتسمح له هذه الارتماءة المحررة بولوج الأمواه الطفولية العميقة . إنه يختار الغرق في بحيرة من مداد ، من أجل أن ينبعث من جديد ، ويتحول إلى زهرة بلاغية .
لهذا ، فإننا لا نعرف الشاعر الآن من خلال حياته الشخصية و الاجتماعية، وإنما نعرفه من خلال بلاغته و شعره، من ثمة ، فإن الجواب الأخير الذي يقدمه الشاعر حول سؤال من أنا ؟ يتمثل في ما يلي: أنا هو ديواني أنا حروف وعبارات و صور و أساليب ، هذه هي صورة المرآة الأخيرة الذي اخترتها لنفسي. إن الطفل الذي كنته ، و المرأة الذي أنجبتني، و القرية التي احتضنتني ، ليست سوى نصوص شعرية في المقام الأول ، ولعلي بهذا الشعر أتغلب على الموت حتى وأنا أتحدث عن موتي الخاص .
في الختام وعلى سبيل الاستدراك ، أشعر أن هذا الحديث عن المرايا لا يخلو من سذاجة وتقطع، لأني أكاد أرى هذا الشاعر هناك في صف خلفي، يلتحف الصمت و يراقبني ... أكاد أراه هناك، متدثرا بلون السواد، إذا جاز أن نعد السواد لونا، لونه الأثير بعد أن غابت عنه ألوان الطفولة ... أكاد أراه هناك تغالبه المنامة و يغالبها ، ويصغي ماكرا إلى حديثي حول مساحة الحلم في شعره ... أكاد أراه هناك بعيدا عن الضوء كعادته ، و أنا أتكلم عن الأم والقرية والمعلم الأول ... أكاد أراه هناك ونحن نستدعي شعراءنا المفضلين .... أكاد أراه هناك ، قابعا في يتمنا الرمزي ... أكاد أراه هنا في مرآة من مداد ... أكاد أراه ... أكاد ...

ملحق: من قصائد الديوان
                     وصية بحبر الروح

                             استهلال
           
  إلى كل شاعر نوى نشر معلقاته البائره فباغتته فتكة الردى الغادره
تأخرت رمشة عين
وقد زمت نِسعة الفطام
شفاه القوافي....
وقد سرى في مخ العظام
سم الموت الزعاف ....
أه
لو امتطيتِ براق الأصيل
لأنشدتُك مبحوحا
مطلع قصيدتي الأخيره
وأهديتك حبو الحروف
إلى شقيقتي الصغيره
وحمَّلتك قبلة مبللة
إلى خد أمي الثكلى
و أوصيتك خبزا
لهريرات قطتي الحبلى
ولكنك ....
تأخرت رقصة طيف
وقد شرق حلق العمر
بزقوم الردى
أصحو من سكرة الاحتضار
ومن شقوق الباب الخشبي
يَجدَع عطرك الشبقيِّ
أنف إحساسي.
ومن حروق الدمع العصي
يكفن ظلك الزئبقي
آخر أنفاسي.
تصم طبلة روحي
حيرة خطو القلب
بين
وداع الغضى....
وضياع المدى....
ولكنني يا ملاكي
منتظر هلاكي
على خط استواء الاحتضار
..........
.............
..............
آه...
لو تستطيع اليدان
لعَطبتُ قدم الثواني
وأوقفت عقرب العمر
على طفلين
شيدا فوق سطح الجيران
سد مأرب
ضد طوفان الزمان
آه....
لو تستطيع الشفتان
لرَتَّل حمام الروح
نوْح دعاء
يمزق حجاب السماء
إلهي.....
أجِّل قبض روحي
قافية إلى الأبد
حتى لا تندم نفسي
على شيء
من حتى أمسي.
آه....
لو تستطيع العينان
لأغمضت طيفك في
غُويريهما قمرا
يضيء ظلام القبر
آه ....
لو نستطيع
لاختلسنا نشوة العمر
في رمشةِ ثانيةٍ واحدة
وشهقة رعشة واحدة
.............
............
ولكنك
تأخرت دقة قلب
يا بثينتي المستحيله
بعد رمشة عين
سأعود إلى أصلي التراب
فادفني سر نعيي
في بئر الكتمان
و احذَري كبوة الدمع
إن باغتك فضول الجيران
حنطي سلة أشعاري البائرة
ودواوين اصفرَّت
 بلعاب الشمس
واسودت بكحل الغبار
وجرائد أمست
جحرا للفئران.
وطهري بوابل الدمع قوارير
زمَّت شفاهها
أعشاش العنكبوت..
ووشمت صفاءها
رقطة الصراصير والذباب.
حنِّطي حفاء فراشي
وغربال غطائي
واسرجي صهوة البراق
إلى قريتي المنسيه
من خريطة الوطن
وأسمعي أمي الثكلى
وصيتي الأخيره..
أفاطم....
أُقرئكِ الحنين والسلام
بحليب الثدي
وصهد النار...
بيعي جرة السمن المر
و البيض الموشوم
بكحل الفحم
والدجاجة الشمطاء
قرعاء الجيد
مقترفة ذنب الآذان
و الديك المنقذ
من هذيان الآخرة
و الهادي إلى
مواقيت العبادة
بيعي صندوق العرس
و أقراط اللجين
وتأبطي حُلَّة الكفن
واملئي منديل الحج
بالبخور
و القرنفل
والورد اليابس
والأعشاب اللقيطة
وانثريها فوقي
عِطرًا للكفَن
وأَقبِلي من آخر الدنيا
و أول الحنين ..
حافية القدمين
كبهلول يزف البشاره
مشققة الكفين
كطمي الفيضان
دثريني بحنين الغضى
وكفكفي رعاف روحي
بمنديل الحنان
وطهري جذام ضياعي
بزمزم البكاء
و لا تسألي عن إرثي....
إرثي سرطان الثكل
أفاطم ....
بالظهر المبلل
ببول الأحفاد
و المقوس بكلكل الدهر
وحزمة الأعواد...
أقِلِّي علي البكاءَ
أخشى عليك
من عمى البكاء
وسكتة الفؤاد
سأخلع التراب والحجر
و أنزع ثوب الكفن
لأسبق النائحات
إلى كعبة الحنان..
مهد صدرك عناق الغضى
غرب ظهرك غار حرائي
فيض ثديك زمزم روحي
لمسة كفك خدَر وَسَنِي
فانسيْ حفرة قبري
و اعتادي جميلَ الصَّبر
أقلي على الدعاء ..
فذنوبي كخوافي الطير
لن تُميل كفة السيئات
كخصلة الجذبة
تنتفها جدتي خلسة
في أضرحة الأولياء
فلا تُسهدنَّكِ أهوالُ القبور
غفرانَك...
 فقد وعدتُكِ
بأسنان اللُّجين
وبِحَجٍّ يمحو ظن الذنوب
فباغتك الدهر الخؤون
بفتكةِ الثكل العشواءِ
أفاطم..
تصبحين على شجن
......
.......
وبعد صلاة الجنازه
انقشي على شاهدة القبر
برعاف الروح :
(هذا قدر الشعراء
من لم يطحن غوامض أحشائه
سم السلطان
سرى في نسغ روحه
حنظل الهوان
أو باغت زين شبابه
تنين السرطان)
وانسيني
يا شقيقتي من الضياع
 كما تنسين
بعد رعشة الفجر
مقبض الشعر
وقبلة الوساده.
كما تنسين
بعد عواء القطار
خطبة الوداع.
........
وحُشاشةُ الكلام
يا بثينتي الحرام
لن يتمتم لساني وداعا
بل تهمهم روحي وصالا
يا من تأخرت رمشة عمر
يا من تأخرت رمشه....
يا من تأخرت....
يا من.....
يا ....
.....



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق