الخميس، 28 ديسمبر 2017

كلمة ألقيتها في حفل تكريمي بكلية اللغة العربية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية








بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على من أرسل رحمة للعالمين، 
      السادة الأفاضل: أبى مجموعة من الزملاء الأعزاء إلا أن يضعوني في دائرة الضوء في هذا اليوم الأغر، يوم الاحتفال باللغة العربية. وأبيتم بحضوركم  إلا أن تزكوا هذا الاقتراح وتباركوه بحضوركم. وهي مناسبة ألزمتني أن أتوقف قليلا لأنظر في المرآة لأتأمل خمسة عقود ونيف من حياتي، و ثلاثة عقود ونيف من التحاقي بسلك التعليم. تأملت وجهي طويلا، في صوره المتعددة من الطفولة إلى الكهولة، وتخيلت نفسي واقفا أمام الله عز وجل يحاسبني على كل صغيرة وكبيرة، فكان أول شيء زرع الخوف في قلبي هو أنني أحمل لقبا أخاف ألا أستحق حمله لقب "المتقي"، فهل في حياتي ما يجعلني أستحق هذا اللقب؟ التفتت يمنة ويسرة، فوجدت حشدا كبيرا من الناس من مختلف الأعمار، تفرست في وجوههم،رأيتها مبتسمة مستبشرة برؤيتي، فيهم من أعرفه، وفيهم من يعرفني ولا أعرفه. أحسنت الظن بهم، فقلت بصوت مضطرب: يا رب رضيت بهؤلاء شهودا، فقالوا بصوت واحد: يارب ارحم ضعفه، واغفر ذنبه، فقلوبنا تحدثنا أنه من الصادقين.

الجمعة، 18 أغسطس 2017

أشواق درعية أخرى



      زرت درعة في السنوات الأخيرة بعد غياب  قارب نصف قرن من الزمن متشوقا إلى ظل ظليل تفيأته في حقول قطوفها دانية، وماء عذب زلال رشفته من آبار عيونها جارية، وعشب  أخضر رعيته في بطحاء أطرافها مترامية، وسمفونية أصوات تنشدها طيور صداحة، وحشرات طنانة، ما زال يتمثلها ذهني، فأصغي لها سمعي،  ويخشع لها قلبي، وأتراب يتسامرون  في دروب  تتكيف حرارتها مع أحوال الطقس المتقلبة.

الاثنين، 26 يونيو 2017

قناع المتداول المألوف و عري الاستعاره: قراءة في قصيدة زهور لأمل دنقل

1 وسلالٌ منَ الورِد,
2 ألمحُها بينَ إغفاءةٍ وإفاقه
3 وعلى كلِّ باقه
4 اسمُ حامِلِها في بِطاقه
        ***
5 تَتَحدثُ لي الزَهراتُ الجميلهْ
6 أن أَعيُنَها اتَّسَعَتْ - دهشةً -
7 لحظةَ القَطْف,
8 لحظةَ القَصْف,
9 لحظة إعدامها في الخميلهْ!
10 تَتَحدثُ لي..
11 أَنها سَقَطتْ منْ على عرشِها في البسَاتين
12 ثم أَفَاقَتْ على عَرْضِها في زُجاجِ الدكاكينِ, أو بينَ أيدي المُنادين,
13 حتى اشترَتْها اليدُ المتَفضِّلةُ العابِرهْ
14 تَتَحدثُ لي..
15 كيف جاءتْ إليّ..
16 (وأحزانُها الملَكيةُ ترفع أعناقَها الخضْرَ)
17 كي تَتَمني ليَ العُمرَ!
18 وهي تجودُ بأنفاسِها الآخرهْ!!
       ***
19 كلُّ باقهْ..
20 بينَ إغماءة وإفاقهْ
21 تتنفسُ مِثلِىَ - بالكادِ - ثانيةً.. ثانيهْ
22 وعلى صدرِها حمَلتْ - راضيهْ...
23 اسمَ قاتِلها في بطاقهْ!

قراءة في كتاب الحجاج في الخطاب


                                     

      عبد اللطيف عادل  من الأساتذة الباحثين الشباب الذين استطاعوا شق طريقهم في البحث العلمي بثبات، وبناء مشروع علمي حجاجي يتغيا توظيف التراكم الحجاجي النظري في المدونات الغربية القديمة و المدونات العربية والدراسات الغربية المعاصرة في قراءة الخطاب العربي قديمه وحديثه. وقد كان لي شرف المشاركة في مناقشة عمله الأول الذي أنجزه تحت إشراف الزميل العزيز الدكتور عبد الواحد بنياسر منذ ما يزيد عن عقد من الزمن. والعمل الذي نحن بصدد تقديمه اليوم هو استمرارية لهذا المشروع وتعميق له، فقد سبق أن قارب المناظرات والخطاب السياسي العربي، و السرد الطويل، وهو اليوم يقارب أشكالا أخرى من الخطاب العربي القديم والحديث هي الخطاب القرآني و الخطاب السياسي الأموي والخطاب الشعري والخطاب القصصي. ولن أقوم بتلخيص ما قام به لأن تلخيص كتاب لا يغني عن قراءة الكتاب، وإنما سأثير مجموعة من التساؤلات التي تبادرت إلى ذهني وأنا أقرأ هذا الكتاب لتكون موضوع كتابات أخرى مستقبلية، وموضوع نقاش مستفيض بين الزميل عبد اللطيف عادل و من شرفنا بالحضور في هذه الأمسية المباركة .

قراءة في كتاب نظريات الاستعارة في البلاغة الغربية لعبد العزيز لحويدق


 



    لا يهدي النقاد والكتاب كتبهم وعصارة أفكارهم إلى غيرهم لتوضع في رفوف المكتبات أو لتزين بها الصالات، وإنما لتقرأ وتضيف إلى معارفنا قيمة مضافة. ومن عادتي أن أهتم بهدايا زملائي وأصدقائي العلمية و الأدبية. وخير رد على هدية كتاب يهدى إليك قراءته وإنتاج معرفة به. و بدل من أن يوضع في الرف يوضع في سياقه الثقافي والمعرفي . وقد أهداني الزميل العزيز و الباحث المثابر السي عبد العزيز لحويدق مشكورا كتابه القيم هذا الذي نحتفي به اليوم "نظريات الاستعارة في البلاغة الغربية من أرسطو إلى لايكوف وجونسون" منذ صدوره. وأشكر جزيل الشكر المسؤولين في وزارة الثقافة الذين أتاحوا لي هذه الفرصة للاحتفاء بهذا الكتاب وإثارة النقاش حول قضاياه .

الاثنين، 1 مايو 2017

المعتمد ومملكة الشعر مع قراءة في قصيدته قبر الغريب



      
                                  

       

 
       
جميل جدا أن نحتفل بالشعر، جميل جدا أن نبني مملكة لا تحدها حدود طبيعية أو عرقية أو عقدية، مبدأها الحرية في بعدها الوجودي، والإنسانية في بعدها الشمولي، والغنائية في بعده الإيقاعي.  مملكة تنتصر على الزمن، إذا أشرقت شمسها لا يلحقها الأفول كشموس باقي المماليك.

الجمعة، 6 يناير 2017

اللقاء الذي نظم احتفاء بالباحث الأكاديمي مصطفى القباج في كلية اللغة العربية . يوم الجمعة 15 يونيو 2016


                         
كلمة الكلية 

     السادة الأفاضل: في البداية أنقل إليكم تحيات السيد العميد الأستاذ محمد أزهري ونائبه في البحث العلمي والتعاون الأستاذ مولاي المامون المريني و اعتذارهما لكم عن الغياب عن هذا اللقاء لأسباب قاهرة . فباسمهما معا  وباسمي الشخصي وباسم السادة الأساتذة والموظفين والطلبة،  يسعد كلية اللغة العربية أن تحتفي اليوم مع الفرع الجهوي لاتحاد كتاب المغرب  بأحد الأكاديميين المغاربة الذين راكموا إسهامات متعددة و متنوعة في حقول الفكر والأدب والفلسفة  وعلوم التربية و النقد المنفتح على المسرح والسينما و  انخرطوا في منظمات المجتمع المدني وانشغلوا بالبحث عن الإجابة عن الأسئلة الراهنة التي تؤرق بال المجتمعات العربية الإسلامية عامة و المجتمع المغربي خاصة  الدكتور مصطفى القباج. ولم يكن ذلك بالأمر الغريب عن هذه الكلية واهتماماتها فهي وريثة جامعة ابن يوسف التاريخية التي ضمت خيرة علماء هذه المدينة  العامرة  بل ودرس بها أساتذة وباحثون مغاربة وأجانب ساهموا في تكوين أجيال من الأساتذة الذين تحملوا وما زالوا يتحملون مسؤولياتهم التربوية في مختلف ربوع هذا الوطن .

و إذ تحتفي اليوم بالأستاذ الباحث الدكتور مصطفى القباج تسعى إلى أن تواصل رسالتها التاريخية النبيلة، وفي الآن نفسه تنفتح على فكر تنويري  لا يرى الأصالة في فكر محافظ تقليدي يجتر الماضي ويعيد إنتاجه، كما لا يرى الحداثة في فكر يعلن القطائع تلو القطائع مع الماضي و الواقع ويرتمي في أحضان فكر مستلب ، وإنما يسعى إلى بناء فكر حداثي منبثق من داخل المجتمع الذي نعيش فيه بهويته الثقافية الكونية  المتنوعة،  وفكره الإسلامي المتنور بمدارسه المختلفة وأنساقه الفلسفية المتنوعة ، ويؤمن بثورة تربوية تجعل من أهداف المدرسة المغربية بكل أسلاكها تكوين عقل الإنسان ليصير في مستقبله صاحب القرار في اختياراته متشبعا بالحوار في علاقاته، و تصبح الديموقراطية جزءا من سلوكه اليومي في البيت والشارع والعمل قبل أن تكون في السياسة.
   إن ما يؤمن به الأستاذ الباحث الدكتور مصطفى القباج هو ما نؤمن به جميعا، وشغلنا الشاغل هو البحث عن السبل والطرق التي توصلنا إليه في عصر تقاطعت فيه كل الطرق وتشابهت، وتعددت القبلات التي نصلي عليها أفرادا وجماعات و تنوعت، ولم يعد للمثقف ولا للجامعة ذلك الهم الذي أرقهما خلال عقود سابقة من القرن الماضي، فانطوى  المثقف  و انعزل في أبراجه واشتغل بهمومه الحياتية الروتينية بعيدا عن هموم هذا الوطن الثقافية  و أسئلته المستقبلية .
     إننا إذ نحتفي اليوم بالسي مصطفى نسعى إلى نعرف طلبتنا بنموذج الأستاذ والباحث والمثقف الذي تتلمذنا على يديه، ونريد استنبات نموذج فكره في عقولهم حتى يسيروا غدا على فكره ونهجه في الانشغال بأسئلة المجتمع الفكرية الحارقة في مختلف الحقول المعرفية  الفلسفية والإبداعية و النقدية و الفنية.
   وفي الختام لا يسعنا في كلية اللغة العربية إلا أن نشكر الفرع الجهوي لاتحاد كتاب المغرب الذي اقترح علينا الاحتفاء بمجموعة من المفكرين والمثقفين الذين أسهموا في بناء الجامعة المغربية، وما زالوا يسهمون في بناء ثقافة هذا البلد. وستظل كلية اللغة العربية دائما وأبدا إن شاء الله منبرا مفتوحا على كل الطاقات الثقافية الخيرة في هذا الوطن،  ويكفينا فخرا أن يكون حاضرا عندنا اليوم هذا الحضور النوعي المتميز الذي مازال ممسكا بحبل الثقافة الحارق.

نتمنى لأستاذنا السي مصطفى الصحة والعافية وطول العمر حتى يرى أفكاره وآراءه تتحقق على أرض الواقع ويطمئن على مستقبل هذا البلد الأمين و على مستقبل مواطنيه .