الأربعاء، 5 ديسمبر 2012

التقابل الأسلوبي ومعانيه في سورة الفاتحة علي المتقي



      الخطاب القرآني  خطاب خاص ومتميز لا من حيث مصدره وقدسيته  فحسب، وإنما من حيث تلقيه أيضا. فمختلف أشكال الخطاب الأخرى نتلقاها بوصفها معرفة أو لننتج بها معرفة ، في حين أن الخطاب القرآنى تقترن حرية تلقيه بالمسؤولية. وتتحدد درجات إيماننا بنتائج قراءتنا، كما يتحدد مصيرنا بتصنيفنا ضمن لائحة المؤمنين أو لائحة الضالين.
     خطاب هذه إحدى خصائصه لا يمكن أن نطمئن في فهمه إلى قراءة غيرنا ، خصوصا إذا كانت هذه القراءة محكومة بخلفيات عقدية أو أيديلوجية. و لعل الحديث النبوي الذي يقسم الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة تكون واحدة هي الناجية[1] ، الغرض منه  التنبيه إلى خطورة القراءة و التفسير والتأويل حسب الأهواء و العقائد . من هنا، فالمطمئن هو الاعتماد على قدراتنا في فهم هذا الخطاب وتدبره ما دمنا  نمتلك من المؤهلات العلمية واللغوية ما يسمح لنا بذلك . وما دمنا مقيدينا بالمسؤولية ومتبوعين بالمحاسبة.  أو على الأقل ،  نقتنع بقراءة غيرنا ونتبناها ونتحمل مسؤولية اقتناعنا بها.
   وقد اخترت لهذا اللقاء سورة لها من الخصوصية والتميز ما ليس لغيرها من سور القرآن، هي سورة الفاتحة . هذه السورة  تتميز بإجبارية قراءتها اثنين وعشرين مرة في اليوم و الليلة في الصلوات المفروضة و الصلوات المؤكدة. و إذا أضيفت إليها النوافل ( تحية المسجد و قيام الليل ....) يصل تكرارها إلي عشرات المرات . فما هي الرسالة التي تتضمنها هذه السورة حتى تحظى بكل هذا التميز وهذا التكرار؟ ولماذا هذا التكرار المفروض على كل فرد من أفراد الأمة دون تمييز بين جاهل وعالم وصحابي ورسول؟

    1. في السورة أربعة  "أوامر"  يلزم على متلقيها أن يأتمر بها حتى يدخل في دائرة المؤمنين هي:
         * الأمر بالحمد : الحمد لله ....
         * الأمر بالعبادة : إياك نعبد.
         * الأمر بطلب الإعانة : إياك نستعين.
         * الأمر بطلب الهداية :اهدنا الصراط المستقيم...
 و المتأمل لهذه الأوامر الأربعة يدرك بسهولة أن هناك تناسبا عدديا بين نوعين من الأفعال:
    - الأمر بفعل:( فعل الحمد وفعل العبادة )، وهما فعلان واجبان على الإنسان لله عز وجل.
    - و الأمر بطلب فعل : ( الإعانة و  الهداية )، وهما فعلان صادران عن الله عز وجل استجابة لطلب العباد. الإعانة على العبادة و هدايتهم الصراط المستقيم .

الإنسان
الله
يحمد
يعبد
يعين بطلب من الإنسان
يهدي بطلب من الإنسان

      هذا التناسب العددي يطرد بشكل لافت للنظر في الخطاب القرآني. إذ لا تكاد تخلو منه سورة من السور.[2] فالقرآن يقرن فعل العطاء بفعل العبادة المقترن بالشكر، ويكون العطاء بقدر الإخلاص في العمل.
          2 - كل أمر من هذه الأوامر الأربعة التي تشكل أعمدة هذه السورة و أركانها الأساسية، مقيد بمجموعة من الصفات.
        * فالأمر بالحمد: قيد بأن يكون خالصا لله تعالى الذي من صفاته أنه رب العالمين  والرحمان الرحيم  و ملك يوم الدين.
          * الأمر بالعبادة   قيد بالاختصاص.
          * الأمر بالاستعانة  قيد أيضا بالاختصاص. 
          * الأمر بالهداية مقيد بالصفات الآتية :الصراط المستقيم  صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

أ‌-           في الأمر لأول ( الحمد لله)  يأمرنا الله بالحمد ، والحمد كما ورد في كتب التفسير، المدح و الثناء يكون بعد الإحسان. قال الزمخشري :" الحمد والمدح أخوان، وهو الثناء والنداء على الجميل من نعمة وغيرها. تقول: حمدت الرجل على إنعامه، وحمدته على حسبه وشجاعته. وأمّا الشكر فعلى النعمة خاصة وهو بالقلب واللسان والجوارح، والحمد باللسان وحده، فهو إحدى شعب الشكر، ومنه قوله عليه الصلاة و السلام: " الحمد رأس الشكر، ما شكر اللهَ عبدٌ لم يحمده " وإنما جعله رأس الشكر؛ لأنّ ذكر النعمة باللسان والثناء على موليها أشيعُ لها وأدلّ على مكانها من الاعتقاد وآداب الجوارح لخفاء عمل القلب، وما في عمل الجوارح من الاحتمال"[3].
     وجاء في مفاتيح الغيب للرازي :" الحمد إنما يكون حمداً على النعمة، والحمد على النعمة لا يمكن إلا بعد معرفة تلك النعمة"[4].
     نفهم من قولي الزمخشري و الرازي أن الحمد يكون على شيئين: الأول الثناء على صفات يتميز بها المحمود ، و الثاني الحمد على نعم أنعم بها المحمود على غيره.
 فلماذا نحمد الله إذًا ، وعلى ماذا نحمده؟ هذا ما تجيب عنه الصفات المتتالية لتقنعنا  بمشروعية الحمد و إلزامية الأمر:
         * لأنه الله أولا .
         * لأنه رب العالمين ثانيا. 
         * لأنه الرحمان الرحيم ثالثا .
         * لأنه ملك يوم الدين رابعا.
    " وقد ثبت في أصول الفقه أن ترتيب الحكم على الوصف المناسب يدل على كون ذلك الحكم معللا بذلك الوصف. فههنا أثبت الله عز وجل الحمد لنفسه، وعلل ذلك بكونه ربا للعالمين رحمانا رحيما بهم مالكا لعاقبة أمرهم . فهذا يدل على أن استحقاق الحمد إنما يحصل لكونه تعالى مربيا لهم رحمانا رحيما بهم. وإذا كان كذلك، ثبت أن استحقاق الحمد ثابت لله تعالى في كل الأوقات سواء كان قبل مجيء النبي أو بعده ."[5]
   فاسم الجلالة -  المعبود - يستحق الحمد في ذاته من عباده، لما يتميز به من الكمال .  فهو المعبود الكامل بذاته، و لا يعبد إلا من له نعم وفضل و إحسان وعزة.
         وتتوالى الصفات المقيدة لاسم الجلالة لتفصل هذا الفضل و هذه النعم المجملة في اسم الجلالة التي تستوجب الحمد.
 *   فالرب من يتعهد الإنسان بالتربية و تدبير الحياة اليومية، و يوفر له الشروط المثلى للحياة. جاء في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي : "وٱختلِف في ٱشتقاقه؛ فقيل: إنه مشتق من التربية؛ فالله سبحانه وتعالى مدبِّر لخلقه ومربيّهم".  ومن يتعهد عبده بكل هذه الرعاية يستحق الحمد.
 * والرحمان الرحيم  صفتان إلهيتان مشتقتان من الجذر (رحم ) الذي  يفيد الشفقة و الإحسان، وقد وردتا معا في صيغة مبالغة ومطلقتان من كل قيد زمني أو مكاني ، ومكررتان تكرار تأكيد مما يضاعف الرحمة والمغفرة دائما وأبدا في الدنيا و الآخرة ، مما يستحق معه الموصوف بهما صفة الحمد والثناء .
* أما ملك يوم الذين ، فصفة تفيد الملك والعزة و الغلبة و القهر عدلا. وهذه كلها صفات تستلزم الحمد والثناء ترغيبا وترهيبا.
    هذه الصفات ليست موضوع نقاش أو شك أو حجاج في النص ، فموضوع الحجاج وحده هو الحمد أيكون أم لا يكون، أما الصفات فهي ثابتة  لأنها قدمت بوصفها حقائق يسلم بها المخاطب [6].
        ب- إن من هذه صفاته  يستحق أن يكون المعبود وحده، و أن يختص بالعبادة لتعدد صفات إحسانه، ويختص بالاستعانة لأنه الرب المدبر لمجريات الأقدار اليومية. لذا جاءت جملتا: إياك نعبد و إياك نستعين مقيدتين بالاختصاص، نخصك بالعبادة ونخصك بالاستعانة.
        ج - ومن يتصف  بكونه رحمانا رحيما، فهو أهل لأن نطلب منه الهداية إلى الصراط المستقيم. ( اهدنا الصراط المستقيم) . وقد قيد هذا الصراط بصفات متعددة رفعا لكل لبس أو تأويل، فهو الصراط المستقيم.
فالهداية إلى الصراط المستقيم دعوة إلى جعلنا من المنعم عليهم ، وليس من المغضوب عليهم أو من الضالين.
   ويؤكد ما ذهبنا إليه قول الرازي في مفاتيح الغيب : فكأنه سبحانه وتعالى يقول: إن كنتم ممن يعظمون الكمال الذاتي فاحمدوني فإني إله العالمين، وهو المراد من قوله: الحمد لله. وإن كنتم ممن تعظمون الإحسان فأنا رب العالمين، وإن كنتم تعظمون للطمع في المستقبل فأنا الرحمن الرحيم، وإن كنتم تعظمون للخوف فأنا مالك يوم الدين.[7]
    3 – التناسب بين الصفات و الأفعال.
  الجملة الأولى في السورة جملة صفات: "الحمد لله رب العالمين الرحمان الرحيم ملك يوم الدين."
و الجملتان المواليتان جملتان فعليتان.. "إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين."
   في الجملة الأولى أربع صفات: الله رب العالمين الرحمان الرحيم ملك يوم الدين.
وفي الجملتين الأخريين أربعة أفعال: نعبدك ونستعينك ونطلب هدايتك وتنعم أو تغضب
 وهي أفعال تتناسب مع الصفات أعلاه.
أ. فاسم الجلالة الله -  أي المعبود -  المنعم على عباده بنعم لا تحصى يستوجب منا أن نعبده  فكان فعل العبادة (إياك نعبد)
ب. و صفة رب العالمين المدبر و المتصرف في حياة الإنسان و مصيره  تثبت قدرة الله على الإعانة. فكان فعل الاستعانة  إياك نستعين.
ج. وصفة الرحمة (الرحمان الرحيم) تفيد الشفقة و الإحسان و الرأفة. وهي صفات تفيد أن الله عز وجل هو الهادي برحمته و مشيئته إلى الصراط المستقيم. فكان طلب الهداية ( اهدنا الصراط المستقيم)
 د. وصفة الملك ( ملك يوم الدين) تفيد العزة و السلطة و القهر عدلا. فكان الطمع في إنعامه و الخوف من غضبه ( صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم..)
    نخلص من هذا كله إلى أن هناك تناسبا  :
·       بين صفة الألوهية و بين فعل العبادة.
·       بين صفة الربوبية وبين فعل الاستعانة.
·       بين صفة الرحمة وبين فعل  الهداية.
·       بين صفة الملك وبين فعلي الإنعام و الغضب. 
       وبذلك تكون هذه الأفعال الصادرة منطوقا عن الإنسان  تثبيتا و تأكيدا و إقرارا بثبوت هذه الصفات لله. فأن نخصه بالعبادة دليل تأكيد لألوهيته . و أن نستعينه إقرار بربوبيته . وأن نستهديه  إقرار برحمته و رأفته وإحسانه. و أن نطمع في نعمه ونخاف غضبه ، كناية على أنه ملك عزيز حكيم ينعم ويقهر يوم الدين. وإقرار الصفات إقرار بقصر الحمد عليه.
ويؤكد الحديث القدسي المعروف المروي عن أبي هريرة عن رسول الله (ص)  هذه الخلاصة. جاء في هذا الحديث  :
" قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد " الحمد لله رب العالمين " قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال " الرحمن الرحيم " قال الله: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال:" مالك يوم الدين " قال الله: مجدني عبدي. وقال مرة: فوض إليّ عبدي، وإذا قال:" إياك نعبد وإياك نستعين " قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، وإذا قال: "اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين " قال: " هذا لعبدي ولعبدي ما سأل "
      فهذا الحديث إضاءة لسورة الفاتحة ومقاصدها. إذ يفهم منه أن الإنسان المتحمل للأمانة، والمتصف بصفة العقل يصل بعقله إلى أن يحمد الله و يثني عليه و يمجده دون أمر منه لما يتصف به من صفات، وأن يعبده و يطلب إعانته و هدايته طمعا في نعمه، وخوفا من غضبه.

4 -  التقابل بين العقيدة الأسلامية وما سبقها من العقائد:
     إن الإسلام وهو يبني تصوره العقدي المؤسس على  الوحدانية، يهدم  التصورات العقدية السابقة عليه و المعاصرة له متوسلا بأسلوب القصر و الاختصاص، ففي الجملة الأولى : الحمد لله رب العالمين، عُرف الحمد بالألف واللام التي تفيد الاستغراق، أي كل الحمد ماضيا وحاضرا ومستقبلا لله رب العالمين، وهذا يفيد ألا حمد لغيره، وقد ورد مرفوعا ليفيد الثبات و الديمومة و الاستمرار.
   وفي الجملة الثانية : إياك نعبد وإياك نستعين، يفيد منطوق القول  قصر العبادة على الله وحده، واختصاصه بها. أما مفهومه، فيفيد نفي العبادة عن غيره ، وبذلك يهدم كل العبادات السابقة التي تشرك مع الله آلهة آخرين.
     وفي الجملة الثالثة، أسند فعل النعمة إلى تاء المخاطب الذي تعود على اسم الجلالة. وبذلك نفى أن يكون الإنعام صادرا عن غيره.
     إن منطوق السورة إذن يخص الله عز وجل بالحمد و الرحمة وملك يوم الدين والعبادة  والاستعانة و الهداية و الإنعام و الغضب، أما المفهوم، فهو نفي كل هذه الصفات المقصورة على الله عز وجل قصرا حقيقيا عن غيره من الموجودات.  
      5.   بعد تثبيت وتأكيد قصر الحمد و العبادة وطلب الاعانة و الهداية على الله وحده ونفيها عن غيره، و اقتناع العبد أنه أمام إله واحد أحد ، كان من اللازم أن يختار هذا العبد بين حقلين من الصفات ما دام العدل الألهي يقتضي أن تتصف  الذات الإلهية بالصفة ونقيضها. وقد بنيت سورة الفاتحة على التقابلات بين الصفات  الآتية :
* صفتا الرحمان الرحيم تقابلهما صفة ملك يوم الدين، ذلك أن الرحمان الرحيم صفتا مبالغة في الرحمة والرقة والإحسان و الهداية، أما صفة الملك فتفيد العزة والقهر، وبذلك فالله عز وجل رب العالمين يجمع بين صفتين متقابلتين صفة الرحمة وصفة القهر.وقد قدم صفة الرحمة على صفة القهر وكررها تكرار تأكيد. وبذلك غلبت رحمته غضبه وقهره.
* صفة العبادة تقابل صفة الاستعانة، فصفة العبادة صفه إنسانية تندرج ضمن حقل الشكر لله عز وجل. وصفة الإعانة صفة إلهية، تندرج ضمن حقل العطاء . والشكر يقابل العطاء.
* صفة الهداية تقابل صفة الضلال:الهداية صفة المؤمنين، والضلال صفة غير المؤمنين .
* صفتا المنعم عليهم تقابل صفة المغضوب عليهم : فالصفة الأولى نتيجة للهداية و الصفة الثانية نتيجة الضلال.  فالله رب العالمين رحمان رحيم و ملك يوم الدين، يعبده المؤمن فيعينه ويهديه بعدله ورحمته، وتكون نتيجة هدايته الإنعام عليه بالجنة. ويعبد المشرك غيره فيضله، وتكون نتيجة ضلاله الغضب عليه و إدخاله النار.
    وللعقل البشري أن يختار بين صفتي الرحمة و الملك ، وبين الصراط المستقيم والصراط المعوج ، وبين صفتي الهداية و الضلال ، وبين صفتي الإنعام و الغضب.
وهذه الصفات كلها تحمل قيمة تقويمية[8].
و الألفاظ التقويمية تحمل في طياتها طابع الإلزام - و إن لم تكن مقترنة  بفعل الوجوب - لأنها توجه سلوكنا نحو المرغوب فيه . فالرحمة و الهداية و الطريق المستقيم  والإنعام صفات مرغوب فيها ، والضلال و الطريق المعوج  و الغضب صفات غير مرغوب فيها.[9]
     وعلى الرغم من أن السورة تتضمن أربعة أوامر إلا أنها لم تأت بصيغة فعل الأمر . وإنما ورد الأمر الأول في صيغة جملة اسمية : الحمد لله ، وقد أفاد التعبير بالمصدر بدل الفعل ثبوت الصفة لله عز وجل خارج الزمن أي ماضيا وحاضرا ومستقبلا . أما الفعلان الثاني والثالث فقد وردا في جملة خبرية يخبر فيها الإنسان المكلف بالعبادة انه يخص الله عز وجل بالعبادة وبطلب الاستعانة. و مقتضى الجملة يفيد  أن الإنسان العاقل الذي يستخدم عقله يصل  إلى أن لله عز وجل هو أحق بالعبادة لا عن طريق التكليف فقط ، وإنما عن طريق الفطرة الذي فطر عليها وعن طريق العقل أيضا كما أكدت ذلك قصة حي بن يقظان . فإذا استخدم الإنسان عقله أدرك أن الله رب العالمين الرحمان الرحيم ملك يوم الدين هو أحق بالوحدانية وبالعبادة و بالاستعانة ، فعبد و طلب الاستعانة  . وقد وردت الجملة الخبرية فعلا مضارعا لتفيد التجدد و الاستمرارية .
     تتميز سورة الفاتحة إذاً بكونها تضع الإنسان أمام خيارين ، إما أن يختار صفة الرحمة، فيترتب على اختياره أن يعبد و يستعين و يهتدي، فتكون النتيجة أن يكون من المنعم عليهم. وإما أن  يضل،فلا يحمد الله ولا يعبده  فيجد نفسه يوم الدين أمام ملك قاهر غاضب، فيكون مآله العقاب. وتكرار قراءة السورة اثنين و عشرين مرة في اليوم هو تذكير للإنسان المسلم  في كل لحظة وحين بهذا المصير حتى  لا يضل عن الصراط المستقيم.  
                                                19-21- نونبر 2012
                                                                     يتبع



[1] . ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. وفي بعض الروايات: هي الجماعة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
[2]  . ففي سورة النصر مثلا هناك تناسب عددي بين (نصر الله ، و الفتح،  ودخول الناس في دين الله أفواجا) من جهة و بين (الأمر بالتسبيح ، و الحمد ،  و الاستغفار من جهة أخرى.)

[3]  . الكشاف
[4]  . التفسير الكبير
[5]  . الرازي : التفسير الكبير .

[6]  تقول أوركيوني : " قدم ما عندك من معلومات جديدة أو محل خلاف بينك وبين مخاطبك في صورة مقتضى ،ينضاف و لو مؤقتا إلى جملة الحقائق التي يسلم بها هذا المخاطب "l implicite p 30
[7]
[8] . يرى المرحوم عبد الله صولة أن صفات الله تعالى صفات تقويمية على اعتبار أن صفاته تعالى للمدح كما يقول الزركشي لا للتعريف.ص146 وقد احتلت أقصى الإيجاب في السلم التقويمي لأنها جاءت على صيغت المبالغة (رحمان –رحيم – ملك)أما باقي الصفات فهي تفيد تقويما أخلاقيا:(المستقيم و المعوج و الهداية و الضلال و المنعم عليهم و المغضوب عليهم)
[9] يرى عبد الله صولة أن الألفاظ التقويمية الأخلاقية خاصة توجه في رأي هير سلوكنا ، وتقتضي أمرا  بفعل شيء ما شأنها في ذلك شأن الأوامر العسكرية و الإدارية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق