محاضرة
ألقيت على هامش مهرجان الشعر العربي بورزازت أبريل 2012
نسجل في البداية أن تسمية الربيع
الديموقراطي تسمية إعلامية محضة. والعلاقة بين الكتابة الإعلامية و الواقع ليست
دائما علاقة تطابق، فالإعلام أصبح السلاح الفتاك الذي يتم توظيفه لترسيخ
أنظمة و إسقاط أخرى. فهو الذي يصنع الواقع، وقد سمى ما جرى في واقعنا العربي
من المحيط إلى الخليج باسم الربيع الديموقراطي تارة، وباسم الثورة تارة أخرى على
الرغم من أن الكثير من الباحثين والأكاديميين يرفضون تسمية ما يجري في حاضرنا باسم
الثورة . لأن الثورة هي قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه
لتغيير نظام الحكم السياسي تغييرا جذريا يكون له تأثير اقتصادي و اجتماعي وثقافي
يؤدي بدوره إلى تغيير جذري في المجتمع يتنفس معه الناس هواء الحرية و الديموقراطية. ويخاف هؤلاء الباحثون أن يؤدي ما وقع إلى انتكاسة و
عودة إلى الوراء، وأن يجهز على ما تحقق على امتداد عقود بل قرون. ذلك أن ما
وقع في العالم العربي بدءا من تونس مرورا بمصر و ليبيا و اليمن وسوريا لم يكن
صادرا عن نخب سياسية لها مشروع سياسي بديل ومتكامل. بل كان مفاجئا لكل فئات
المجتمع العربي بدءا بالأنظمة مرورا بالطبقة السياسية المتجلية في الأحزاب و النخب
الثقافية وانتهاء بالحشود الجماهيرية. فلا أحد من هؤلاء كان يتصور أن يسقط أي نظام
من الأنظمة التي سقطت، أو كان له تصور واضح المعالم لما بعد سقوط هذه الأنظمة ،ولو
كان يتصور ذلك لكان الواقع غير الذي نحن عليه الآن.