الخميس، 19 يناير 2012

حوار مفتوح مع علي المتقي على صفحات ملتقى الأدباء والمبدعين العرب : حاورته الأديبة المصرية ماجي نور الدين

شارك في الحوار نخبة من الباحثين العرب

ماجي نور الدين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسعدني ويطيب لي أن يحين موعدنا مع ضيفنا الجديد ورحلة عبر فكره المستنير . فسحة جميلة من الوقت الممتع ورحلة عبر مناطق الفكر التي تضيف لنا متعة القرب من صاحبه وإلقاء الضوء على بعض الإشكاليات الأدبية الفكرية المعاصرة وطرح وجهة نظر ضيفنا فيها . ومن دواعي سروري أن يكون ضيفي وضيفكم مفكر كبير يتمتع بروح لا تضاهيها أخرى في التواضع النفيس والخلق الكريم وفتح أبواب فكره على مصراعيها لمن يريد التعلم ، وعدم وضع متاريس الانغلاق الذاتي أمام من يطرق بابه للفهم والاستيعاب ، لذلك حظى بمحبة الجميع واحترامهم
فشكرا جميلا يليق به وبجميل حضوره ..

إنه مفكرنا الكبير وأستاذنا الجليل الأستاذ العزيز الدكتور علي المتقي
ورحلة جديدة عبر فكره العميق وأستاذيته البليغة فـ كونوا معنا ..



ماجي
مرحبا بأستاذنا العزيز الغالي ومفكرنا الكبير الأستاذ الدكتور علي المتقي ..تتبادر إلى ذهني إشكالية خاض الجميع في التحاور
حولها وهي معضلة الفكر العربي المعاصر بين جدلية
الماضي والحداثة ومحاولة التوفيق بين التيارين ..
ففي أي نص أدبي تنعكس الرؤية الثقافية والتي تتولد
من البنية الفكرية لكاتب النص ، بحيث يعبر في وجهة
نظره المطروحة عن بعد أحادي إما في إتجاه التحجر
والجمود والتمسك بالماضي في النمطية اللفظية ومصادرة
الرأي الآخر ، وحصر الرؤية في الأنا فقط .. أو في الإتجاه المضاد لهذا الرأي في ضوء مواكبة متغيرات العصر ومستجداته والمنطقية العلمية أو مايعرف بالحداثة ..
ويأتي رأي يحاول التوفيق بين الإتجاهين وهو استثمار
المعرفة ومستجداتها وتوظيفها في ضوء أن للماضي دوره
الأكيد في تجديدها ، وهو نهج حضاري يحترم الخصوصية
الثقافية لمجتمعاتنا العربية ويعمل بعقلانية منهج الاستبصار
في ظل رؤية أن الجزء في الكل ..
ولكن ....!!  يرى البعض أن الاتجاه الأخير لا يخرج عن كونه توصيات في اللقاءات والمؤتمرات ومايزال حبرا على ورق ..، ولم يسهم بعد في التوظيف الواقعي العملي للخروج بمجتمعاتنا
العربية من المأزق الحضاري ..فهل توافق أستاذي العزيز على هذا الرأي ..؟!أم ترى أن هذا الإتجاه الفكري الذي يحاول أن يعبر بنا منحنيات السبيل الحضاري أصبح له حضوره وفعاليته
على مسرح الفكر الواقعي ..؟!
أعتذر للإطالة وأنتظرك أستاذنا الجليل ..
ولحضرتك باقات من الود الجميل مطعم بزهور الترحاب الطيب لحضورك الكريم  وأرق التحايا.

علي المتقي
الأستاذة الفاضلة ماجي نور الدين :السلام عليكم ، سعيد أنا بكلمتكم الطيبة التي أخجلت تواضعي ، وسعيد أكثر بسؤالكم الذي يقارب إشكالية من الإشكاليات التي أفنى فيها الفكر العربي ردحا من الزمن باحثا عن سؤال نهضوي : لماذا تأخرنا وتقدم غيرنا ؟ فكانت إجابات متعددة ومتنوعة ومتعارضة منذ عصر النهضة و إلي اليوم . وكلها لا تخرج عن إجابات ثلاث : إما الارتماء في أحضان الماضي و تصور أن ليس هناك أبدع مما كان ، فقد تقدم قدماؤنا وتأخرنا ، وبذلك نكون أصلاء .و إما الارتماء في أحضان الفكر الغربي الذي ارتقى به الغرب إلى مصاف الدول المتقدمة ،و بذلك نكون معاصرين . وإما التوفيق بين الرأيين حتى نتقدم دون أن نفقد خصوصيتنا القومية، وفي الآن نفسه نسير في طريق التقدم ، ونجمع بين الأصالة والمعاصرة .
والواقع أن الارتماء في أحضان القديم كما هو، ونهج سبيله ليس أصالة ، بقدر ما هو تقليد ونكوص إلى الوراء . والارتماء في أحضان الفكر الغربي كما هو و الدعوة إلى كل قيمه ليس معاصرة، و إنما هو تقليد أيضا كما يقول المفكر الكبير محمد عابد الجابري تغمده الله برحمته .وإمساك العصا من الوسط والتوفيق بين الرأيين لن يكون أيضا إلا تلفيقا وتقليدا لهذا الفكر أو ذاك، إذا لم ينبن على أسس منهجية علمية سليمة .
ما الحل إذن ؟
انتظريني لأدلي بدلوي في الموضوع هذا اليوم إن شاء الله ؟
تقديري واحترامي لك أيتها الفاضلة ، و لكل فضليات الملتقى وفضلائه .


ماجي نور الدين
نعم هي إشكالية تحاور البعض حولها ، فاختلفت  آراء وأيدت آراء ولم نصل إلى نتائج شافية تخبرنا عن الطريق الذي علينا سلوكه لنصل إلى مبتغانا في الخروج من هذا المأزق الحضاري ،
وهذه الإشكالية المعضلة ..
لذلك أنتظر دلوك الغني بفيوضات فكرك وما سيخرجه من كنوز هذا الرقي الذي أعلمه ..
تقبل شكري العميق أيها المفضال الكبير وأرق التحايا.

المتقي
الأستاذة الفاضلة ماجي : سعيد بالتواصل معكم ، ومع كل الفضليات والأفاضل في الملتقى .
فيما يخص السؤال التي طرحته ، ما سأدلي به لا يخصني ، وإنما هو قراءة قائمة أعجبت بها و تبنيتها ، قراءة تنتقد القراءات السابقة و تقترح تصورا بديلا .و من الممثلين لهذه القراءة المشمول بعفو الله الدكتور محمد عابد الجابري الذي  ترك وراءه تراثا فلسفيا ضخما بدءا من كتابه نحن والتراث مرورا بتكوين العقل العربي و بنية العقل العربي و العقل السياسي و العقل الأخلاقي وانتهاء بدراسته القيمة للقرآن الكريم . وسأعتمد بشكل خاص على كتابه القيم نحن والتراث .
ينطلق هذا الفيلسوف الكبير من انتقاد كل القراءات السائدة في الثقافة العربية لإشكالية الفكر العربي المعاصر والمرتبطة بالأسئلة الآتية :
ـ السؤال الأول : كيف نستعيد مجد حضارتنا ؟...كيف نحيي تراثنا؟
ـ السؤال الثاني :كيف نعيش عصرنا ؟ كيف نتعامل مع تراثنا ؟
ـالسؤال الثالث : كيف نحقق ثورتنا ؟ كيف نعيد بناء تراثنا ؟
هذه الأسئلة تشكل المحاور الثلاثة الرئيسة في إشكالية الفكر العربي المعاصر .
يرى الجابري ـ منتقدا الإجابة عن هذه الأسئلة ـ أن التيار السلفي الذي طرح السؤال الأول قرأ التراث قراءة لا تاريخية ، وبالتالي فهو لا يمكن أن ينتج سوى نوع واحد من الفهم للتراث هو الفهم التراثي للتراث . التراث يحتويه ، وهو لا يستطيع أن يحتويه . إن التراث هنا يكرر نفسه.
السؤال الثاني سؤال الليبرالي العربي الذي ينظر إلى التراث العربي الإسلامي من الحاضر الذي يحياه ، حاضر الغرب الأوروبي، فيقرأه قراءة أوروباوية النزعة ، أي ينظر إليه من منظومة مرجعية غربية . ولذلك فهو لا يرى فيه إلا ما يراه الأوروبي . إنها قراءة استشراقية تقوم بقراءة التراث العربي برده إلى أصول يهودية ومسيحية وفارسية ويونانية وهندية ..وبذلك تصير المعاصرة التي نادى بها التيار اللبرالي العربي استلابا للذات لا بوصفها حاضرا متخلفا وحسب ، بل ـ وهذا هو الأخطرـ بوصفها تاريخا وحضارة أيضا .
ـ السؤال الثالث: سؤال الفكر اليساري العربي الذي يتبنى المنهج الجدلي ، لكنه مع ذلك ـ يرى الجابري ـ يجد نفسه في حلقة مفرغة ،لأنه لايتبنى المنهج الجدلي كمنهج للتطبيق ،بل يتبناه كمنهج مطبق . فالتراث العربي يجب أن يكون في نظره انعكاسا للصراع الطبقي من جهة ،وميدانا للصراع بين المادية والمثالية من جهة ثانية .
لقد قدم الجابري انتقادات عدة لهذه التيارات الفاشلة في الإجابة العلمية الموضوعية عن أسئلتها . ودعا إلى ما يلي "
ـ ضرورة القطيعة مع الفهم التراثي للتراث : التحرر من الرواسب التراثية في عملية فهمنا للتراث ، وعلى رأس هذه الرواسب القياس النحوي الفقهي الكلامي في صورته الآلية اللاعلمية التي تقوم على ربط جزء بجزء ربطا ميكانيكيا يفصلهما عن إطارهما الزماني ـ المعرفي ـ الأيديلوجي .
ـ فصل المقروء عن القارئ حتى تتحقق الموضوعية: فالإنسان العربي مؤطر بتراثه مثقل بحاضره ، لذلك فعندما يقرأ نصا من نصوص تراثه يقرأه متذكرا لا مكتشفا ولا مستفهما .
ـ وصل القارئ بالمقروء حتى تتحقق الاستمرارية .
نفهم من خلال هذا الطرح أن الأزمة العربية هي أزمة منهج .لذا ،لا بد من وضع مسافة بيننا وبين التراث، وأن نقرأه قراءة علمية موضوعية تقتله بحثا وهضما ،وتعمل على تطويره ليعيش بيننا اليوم ، ولن يتأتى ذلك إلا بانفتاحنا على تجارب الآخرين و أسئلة العصر و الاستفادة منها . و بلورة أسئلتنا الذاتية الصادرة عن همومنا و واقعنا و مشاكلنا ومعضلاتنا . إذ ذاك يمكن أن نكون أصلاء ومعاصرين في الآن نفسه ، فالأصالة هي أن نبدع كما أبدع أسلافنا لكن لا على مثال . و المعاصرة أن تكون أسئلتنا أسئلة آنية ملحة منبثقة من قضايا عصرنا وقضايا مجتمعنا لا قضايا مجتمع آخر .

يسري راغب شراب فلسطين


الاستاذه ماجي الموقرة
استاذنا القدير علي المتقي الموقر
احترامي لحضوركما في دوحة الفكر والادب
ومنهجية التبسيط والتيسير التي أندفع خلفك وراءها مقدرا لك كنخبوي كبير اهتمامك بالادب حيث هو رسالة وبالفكر حيث يكون خلاصة وخلاص لنا من حومة الفوضى وسط افكار متناقضة ورؤى متباينة مابين الماضي والحاضر ومابين الاصالة والمعاصرة وقد قرأت كتاب المفكر الجابري رحمه الله عن تحولات الفكر والسياسة في المشرق العربي - اصدارات عالم المعرفة - في المجلس الوطني للثقافة والفنون بالكويت عام 1980 .
وهو يركز على بدايات التحول في عقد الثلاثينات من القرن العشرين وحتى العام 1970م وكانه يمنهج موضوع التحول بصعود التيارات الفكرية القومية العربية واجده يقترب من فكر عبد الرحمن الكواكبي في استعادة الدور العربي - اسلاميا - للريادة والقيادة - فيكون قي هذا المنهج التوفيق بين التيارات الفكرية الاسلامية والتيارات الفكرية العربية الحديثة - الوحدوية العربية -
هل الحل ياتي انطلاقا من تكامل عربي على هدي الاسلام وخاصة بعد ان انشطر العالم العربي مابين السلفية والعلمانية ومابين التراث والمعاصرة كما قال الدكتور الجابري في مقدمة كتابه خلال عقد العشرينات حيث مهدت الصحوة الفكرية التي انطلقت في الثلاثينات لتكون حجر الاساس للاتجاهات القومية والاجتماعية التي صعدت الى مراتب الحكم والفكر في الخمسينات وتسيدت الساحات كلها في عقد الستينات وما لبثت ان تراجعت خاصة بعد نكسة يونية 1967م فكانت هي الظاهرة التوفيقية التي تعود جذورها الى التوفيقية الاسلامية ما بين الدين والعقل ام ان الامر كان تصدعا مابين التطرف للقومية ومابين التطرف للعقيدة
هنا سؤالي
وانا اقر على الاقتناع بمدرستك الفكرية والادبية في فتح الابواب امام كل العقول كل حسب مستواه لنتنفس توسيع القاعدة الفكرية والادبية فيكون للنخبة جماهيرها ويكون للثقافة روادها بالملايين وليس بالالاف . هل يكون مدخلنا الى المعاصرة هو تلك النظرة التي تشجع الاقلام كل حسب مستواه ليدخل ميدان الفكر والادب فنعمم الثقافة من تعميم وليس عمامة وبها نصنع من امتنا امة مثقفة تعشق القراءة كما تهوى الكتابة
تلك نقطة مهمة  خاصة في ما نراه من جدل حول التشدد مع الاقلام الجديدة.
هل التشدد مطلوب ام الرفق هو الاساس في التغيير والاصلاح
كل احترامي وتقديري
شاكرا لماجي ان اتاحت لنا هذه الفرصة للتحاور مع مفكر واديب له قامتك..


علي المتقي
الأستاذ الفاضل يسري راغب : سعيد أنا بوجودك في هذه الصفحة واهتمامك بقضايا الفكر العربي ، وباطلاعك على جزء من فكر المفكر العربي محمد عابد الجابري رحمه الله .
هناك مكون أساس في التربية لا يمكن تجاهله في كل عملية تربوية يصطلح عليه بنقطة الانطلاق . ويجيب عن السؤال الآتي : من أين ينبغي أن نبدأ ؟ والجواب واضح : ينبغي أن نبدأ من حيث يوجد المتعلم . وعدم الانطلاق من هذه النقطة ينتج عنه وجود مسافة فاصلة بين مستوى المتعلم بين مستوى ما ينبغي تعلمه ، فلا تتحقق العملية التعليمية التعلمية . هذا التصور التربوي يمكن نقله إلى الميدان المعرفي بشكل عام . فأن يعود مثقفونا إلى نظريات جاهزة في الغرب ، وإجابات جاهزة مستقاة من هناك، و اقتراحها إجابة عن أسئلة عصرنا الحارقة . لا يمكن أن يحقق الفائدة المرجوة . فكما أن السؤال منبثق من واقعنا كمعطى، فالجواب يجب أن يراعي خصوصيات هذا الواقع بكل متغيراته ، بما فيها تلك العوائق التي تعرقل الوصول إلى ترجمة الجواب على أرض الواقع لأنه ليس في صالحها . ولن يتأتى ذلك إلا بفهم واقعنا فهما حقيقيا ناتجا عن وصف حقيقي ودقيق لكل المعطيات المتوفرة و العلاقات التي تربط بين هذه المعطيات والعوامل المساعدة والعوامل المعارضة. و إذ ذاك فقط يمكن أن نقترح أجوبة عملية لمشاكلنا و لإشكالاتنا .
فمجتمعنا مجتمع متعدد أكثر من نصفه أمي، و النصف الآخر أكثر من نصفه شبه أمي ،و القلة القليلة مما تبقى يمكن أن نصطلح عليها بالنخبة . لذا لا بد أن تنزل الثقافة من برجها العاجي لتخاطب عامة الناس في مشاكلهم وقضاياهم الحقيقية الذين يعيشونها يوميا بدلا من أن نفرض عليهم مشاكل لا تمثل لهم أولوية، ونقترح إجابة لها خارج واقعهم ونفرض عليهم أن يهتموا بها ويجعلوها ضمن أولوياتهم .
لنأخذ العراق مثالا. فمهما عرفت عن العراق و عن قيادته السابقة والحالية ، لا يمكنني أن أعرفه كما يعرفه العراقي الذي يعيش يوميا هناك ويكتوي بسياسة الأنظمة المتعاقبة و واقع الحال . ولما جاءت أمريكا حاملة حلولا جاهزة لمشاكل العراقي ، عجزت و سيعجز غيرها مهما أوتي من خبرة ليخرجه من النفق المسدود . ولن يخرج إلا بفهم طبيعة العراق ومعاناة العراقييين ومشاكل العراق اليومية واقتراح حلول عملية منبثقة من طبيعة هذا الواقع بما فيه وضعه الدولى وعلاقته بجيرانه ، وتعدد إثنياته ومذاهبه . والبحث عن الخصائص المشتركة بين كل هؤلاء بدلا من التركيز على ما يفرق بينهم .
هذا تصوري الذي أومن به وأطبقه في حياتي بل وحتى في دروسي . فدائما أنطلق مع طلبتي من حيث هم. ونبدأ خطوة خطوة , ولا يمر وقت طويل حتى نكون قد قطعنا أشواطا ووصلنا إلى ما نريد الوصول إليه ,. تحياتي أيها الفاضل .

عبد الرؤوف النويهي مصر

أستاذنا الجليل الدكتور على المتقى
لكم فى قلبى مكانة راسخة ،وفى عقلى مكان لايشغله غيركم.

سيدى الجليل
مرت عقود وعقود ونحن لم نتحرك ولم نسع لنهضة شاملة .
دراسات هنا ودراسات هناك ومازال العقل العربى يبحث عن حلول.
متى ،سيدى الجليل، نتحرك ؟.
من أين نبدأ ؟؟ قالها خالد محمد خالد فى منتصف القرن الماضى .
وبعد مرور نصف قرن آخر وعشر نسأل من أين نبدأ؟؟
يبدو ،سيدى الجليل ،أننا خارج التاريخ وإلا قل لى ،مائة سنة مرت ونحن نتساءل من أين نبدأ؟؟

ماجي نور الدين مصر
مرحبا بأستاذنا الجليل العزيز د. علي المتقي
أولا .. رحمة الله على المفكر الكبير محمد عابد الجابري
الذي أثرى الساحة الأدبية الفكرية بالكثير من الآراء
القيمة المعبرة عن الفهم العميق للتحولات الفكرية الإنسانية
والأيديولوجية والثقافية التي مرت بها المنطقة العربية ،
وبُعد رؤاه فيما يمثل طريق الحل لإشكالياتنا المتعددة..
وتغمده الله بكامل رحمته وواسع مغفرته إن شاء الله ..


ثانيا ... إذن لابد من احتواء كل من التراث والمعاصرة
ويتم هذا من خلال إشباع الفراغ الحضاري في الماضي
عن طريق الحراك المعاصر وحيوية المستجدات في لغة
التراث بحيث نحتفظ في مجتمعاتنا العربية بهوية الحضارة
بشكل عملي وانفتاح وإيجابية وأصالة في الخصوصية الثقافية
واجتياح بحر العولمة في استقلالية وتميز إبداعي مسؤول ..
وهذا لابد أن يحدث معه إعادة منهجة فهمنا للتراث بعيدا
عن الرواسب التراثية ، وعن طريق ربط التراث بالحاضر
في ضوء مشكلاتنا وواقعنا المثقل بهمومنا الآنية ...


وهنا تظهر إشكالية ثنائية تكمن بين الممكن والمستحيل
فرواد الفكر العقلاني المستنير يرفعون راية الممكن
ولو بعد زمن طويل سيمكننا تحقيق ذلك والمضي فيه
بخطى واثقة على طريق الوصول إليه ..
أما رواد الفكر التغريبي فيتبنون وبقوة استحالة تحقيق
هذا ، بل يعدونه انتحارا للهوية العربية ووأدا للمسار
الحضاري ، وبذلك نعود لنقطة البداية دون أن نخطو
خطوة إلى الأمام ..
ويعود السياق إلى الإشكاليات الدلالية في تلك الجدليات
اللفظية وماتزال التلقائية العربية تدور في فلسفة اللفظ
ومعطياته في ظل التنظير المثالي وفي ذات الوقت تبتعد
عن المساهمات العملية في حل هذه الإشكاليات وهذا ما أشار
له أستاذنا الغالي العزيز الأستاذ النويهي بوقوفنا محلك سر
دون التقدم خطوة على طريق الإنجاز الواقعي ..
فما رأيك أستاذنا الجليل ومفكرنا الكبير د. علي ؟!
ننتظرك بكل الترحاب وشغف متابعة فكرك وفيوضاته
الغزيرة ..
كل التحية والتقدير والاحترام مرحبا بأديبنا الراقي الأستاذ يسري
ومشاركته القيمة وتحاوره الطيب مع مفكرنا
الكبير الدكتور علي المتقي ..
وننتظر المزيد ودائما نسعد بحضورك الكريم
كل التقدير والاحترام

علي المتقي


الأستاذ الجليل و الأخ الكريم عبد الرؤوف ، الأخت الكريمة الفاضلة ماجي : سعيد بحضوركما في هذه الصفحة ، وبالتحاور معكما في قضايا تؤرق كل من يملك ذرة انتماء إلى هذه الأمة .
أعتقد أن الإجابة عن تساؤلكما يتطلب تقويم المرحلة التي نعيشها اليوم .
أولا: من الصعب أن نتحدث اليوم عن الأمة العربية ككل موحد يعيش نفس الوضعية . فقد هيمنت الدولة القطرية على تفكيرنا وواقعنا ، وتفاوتت هذه الدول في تنميتها ومستوى معيشتها ، وما يقال عن هذه الدولة القطرية قد لا ينطبق على أخرى .
على المستوى النظري الثقافي و المعرفي : أعتقد أن المشكل يكمن في عدم قدرتنا على تحقيق تراكم معرفي يسمح لنا بتحقيق نهضة معرفية وثقافية واضحة . فكل الأعمال التي ننتجها في عالمنا العربي كله هي أعمال بمجهودات فردية لا تعرف طريقها إلى الانتشار على نطاق واسع ، والاهتمام بها، وقراءتها قراءة نقدية علمية تسمح بتثمينها ووضعها في إطارها الصحيح في سلم التراكم الثقافي والمعرفي العربي . بل الأدهى من هذا أن مثقفينا مرضى بعقدة الأنا ، فكثير منهم يسعى إلى قتل الأب وعدم الاعتراف بالمجهودات التي سبقته ، فيمحو الطاولة ويجزم أن ما سبقه لايرقى إلى ما ينبغي الاهتمام به ، و أن ما سيكتبه هو المؤسس لتصور جديد حقيق بأن يهتم به .
يضاف إلى ذلك أن ما ينتج من نظريات و آراء لا يجد طريقه إلى التنفيذ على مستوى الواقع سواء على المناهج والبرامج التربوية، أو على مستوى المشاريع والأوراش الاقتصادية والاجتماعية والسياسية . وتلك آفة مجتمعاتنا العربية. 

ـ ثانيا :على مستوى التنمية ،هناك ثلاثة آراء فيما يخص وضعيتنا اليوم :
ـ الرأي الأول يرى أننا قطعنا أشواطا كبيرة في تطورنا ، وتغيرت أسئلتناالتي لم تعد نهضوية بقدر ما صارت تنموية .
ـ الرأي الثاني : يرى أننا لم نتحرك قيد أنملة ، فما زال المجتمع يعيش الوضعية التي عاشها خلال بداية القرن الماضي ، ولم يتغير سوى المظهر ، أما العقلية فهي هي .
ـالرأي الثالث : يرى أنها هناك انتكاسة خطيرة ، فقد كنا في النصف الأول من القرن العشرين أكثر تطور وأكثر وعيا من اليوم .
و الواقع أن أن الآراء الثلاثة تمتلك نصيبا من الصحة ، وفي الآن نفسه تفتقد للدقة العلمية . فهي لا تنطلق من نفس التصور للنهضة والتقدم . فماهي تجليات النهضة والتقدم ؟ وما مدى تحققها ؟ ومتى نقول: إننا وضعنا القطار على السكة وأننا نسير في الاتجاه الصحيح ؟
ـ و الرأي عندي أن مؤشرات التقدم تنحصر في ما يلي :
ـ مؤشر محو الأمية
ـ مؤشر تعميم التعليم وتطوره
ـ مؤشر حرية التعبير وضمان الحقوق المدنية والسياسية
ـ مؤشر حضور المجتمع المدني و تأثيره في اتخاذ القرارات
ـ مؤشر النمو الاقتصادي
إذا أخذنا هذه المؤشرات بعين الاعتبار ، فإن الدول القطرية العربية تتفاوت في درجة تحقيقها ، ولنأخذ المغرب نموذجا للحديث عن هذه المؤشرات .
يمكن أن تكون الآراء الثلاثة صحيحة بالنسبة للمغرب، فهناك تطور ونمو ملحوظ ومهم في مجالات معينة ، و هناك توقف في مجالات أخرى، و هناك انتكاسة في مجالات ثالثة . فعلى مستوى الحقوق السياسية والمدنية وحرية التعبير و حضور المجتمع المدني هناك تطور كبير جدا ، ولا مجال للمقارنة بين ما كان يعيشه المغرب في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات و ما نعيشه بعد ذلك ، وخاصة في العقد الأول من الألفية الثالثة . فقد أصبح للمجتمع المدني حضور لافت على الساحة السياسة و الاجتماعية والحقوقية ، و حطمت الصحافة الكثير من الطابوهات على الرغم من الحالات الفردية الشاذة التي تسجل بين الفينة و الأخرى . وتراجع اللوبي المقاوم للتغيير بشكل كبير. و أصبح هناك وعي كبير بالأوراش التي ينبغي فتحها الآن من أجل إصلاحها ومنها ورش العدل ، وأصبح المجلس الأعلى للحسابات يقوم بدوره في مراقبة المال العام ،و البرلمان يقوم بدوره في تشكيل لجان البحث و التقصي . وعلى الرغم من أن الدولة مازالت مترددة في تفعيل المتابعات ، فإن ضغط المجتمع المدني و الصحافة سيؤدي لا محالة قريبا إلى ذلك .
إننا لا ندعي أن كل شيء على ما يرام، لكننا نؤمن بأن هناك تطورا في هذا المجال منذ حكومة التناوب، وأن القطار وضع على السكة ، والمسألة مسألة وقت فقط . وقد زاد من تسريع الإصلاح والتغيير دخول المغرب مع الاتحاد الأوروبي كشريك متميز الشيء الذي يفرض عليه كثير من الالتزامات ، خصوصا وأن الأوروبيين أصبحوا يشكلون ساكنة مهمة مستقرة في جل المدن الكبرى، كما يشكلون قوة ضغط للتسريع بالإصلاح .
لكن في مقابل هذه المؤشرات التي خطا فيها المغرب خطوات مهمة فشل في الدفع بورش التعليم إلى الأمام ، فهو ورش مفتوح باستمرار ، وتنفق عليه الدولة أموالا طائلة لا تعد ولا تحصى ، لكن التعميم لم يتحقق على الرغم من مرور ستين سنة على الاستقلال ، والمدرسة العمومية بدأت تفقد مكانتها للمدرسة الخاصة ، و أهداف التعليم غامضة وملتبسة .وخريجوه يتظاهرون يوميا أمام البرلمان بحثا عن منصب شغل .كما تراجعت الجامعة عن مكانتها التي كانت تحتلها في السبعينيات حيث كانت نخبة من الأساتذة الكبار يملؤون الساحة بدروسهم و كتبهم وأفكارهم ، ويجدون صدى لهذه الآراء والأفكار في كل المدن المغربية أمثال الجابري والعروي والخطيبي و الفاسي الفهري و المجاطي والسرغيني و أمجد الطرابلسي ومفتاح وبرادة ....
وبالتأكيد هناك دول قطرية أخرى تفوقنا تطورا في مجالات و تتأخر عنا في مجالات أخرى . وكل دولة لها أسئلتها التنموية المخالفة للدول الأخرى .
انطلاقا من كل هذا يمكن القول ، من التيئيس أن نقول إننا لم نتقدم ولم نتطور ،و أن أسئلة الأمس هي أسئلة اليوم ، ومن الغباء أن نقول: إننا أصبحنا متقدمين ونعيش عصرنا ، لكننا بالتأكيد نسير ونتطور وإن بمتوالية حسابية ، في حين أن غيرنا يتطور بمتوالية هندسية ، الشي الذي يُظهرنا و كأننا نتأخر ولا نتطور . ولكم واسع النظر

ماجي نور الدين
أستاذي الفاضل العزيز د. علي  أرجأت ردي على حضرتك إلى أن يحضر أستاذنا الفاضل الأستاذ النويهي ..ولكن يبدو هناك مايشغله ..، فشكرا للحوار  الراقي الذي أضاف لي الكثير ..
ولي عودة واستكمال هذا اللقاء العاطر،،
لحضرتك كل التقدير والاحترام
وباقات من الود الجميل

عبد الرؤوف النويهي
أستاذنا الجليل الدكتور على المتقى
"انطلاقا من كل هذا يمكن القول ، من الصعب أن نقول إننا لم نتقدم ولم نتطور ،و أن أسئلة الأمس هي أسئلة اليوم ، ومن الغباء أن نقول: إننا أصبحنا متقدمين ونعيش عصرنا ، لكننا بالتأكيد نسير ونتطور وإن بمتوالية حسابية ، في حين أن غيرنا يتطور بمتوالية هندسية ، الشي الذي يُظهرنا و كأننا نتأخر ولا نتطور ."

شكراً ..وأمامى اللحظة الكتاب الفذ للدكتور محمد عابد الجابرى عن ابن خلدون ..قطعت فيه شوطاًطويلاً .
أتمنى مناقشته ..فهو من الأعمال الفكرية الخالدة

ماجي نور الدين

عفوا عفوا أستاذي العزيز الأستاذ النويهي 
فقط كنت أفسح الطريق لردك القيم أولا ً
على الحوار العاطر للدكتور الرائع علي ،،
فشكرا لحضورك أستاذنا الغالي ودائما أسعد
به ليكتمل مثلث الصحبة الذي لم أجد مثله ..
تحياتي العاطرة لروحك الطيبة
وجل الاحترام
علي المتقي
الأستاذان الجليلان عبد الرؤوف وماجي :ما أسعدني بصحبتكما ، وما أشقى اللحظات التي تعلن ماجي فيها إغلاق صفحة تجمعني بكما.
إن الإنسان العربي يعيش لحظة يأس قاتل ، لأنه يحس أن عزته وكرامته التي تميزه مرغت في التراب بسبب الهزائم المتوالية منذ 1948 . و لن يحس بطعم التطور و التقدم إلا إذا حقق التوازن العسكري مع الآخر الذي يجثم على جزء من أراضيه . لذا فمؤشر التقدم و التطور عنده هو القوة العسكرية ولا شيء غيرها . و الواقع أن هذا التوازن بعيد في الظرف الراهن بسبب مراقبة الغرب المساند كليا لإسرائيل لميزان القوى في المنطقة . وما عشناه مع العراق ، ثم سوريا ( ضرب المفاعل النووي في العراق وسوريا على السواء)ونعيشه اليوم مع إيران دليل على عدم السماح لأي دولة في المنطقة بالتطور العسكري الذي يخلخل موازين القوى القائمة حاليا .كما أن هذا الغرب لن يسمح للجامعة العربية أن تقوم بدورها في تحقيق التضامن العربي .
وإذا كنا واقعيين ، وتخلينا قليلا عن ممارسات السياسة و دغدغة عواطف الشعوب العربية التي لا تدرك كنه الأشياء وحقيقتها ، فإننا نقتنع بسهولة أن ما يمارس اليوم من حصار ضد غزة من الجانب المصري ومن طرف دول عربية أخرى ،ليس في الواقع من صنع مصر الذي لا يوجد فيها بالتأكيد مواطن واحد من الرئيس إلى الغفير لا يتضامن مع الفلسطينيين ولا يتألم لآلامهم ، و إنما هو في الواقع من طرف الغرب ـ كل الغرب أوروبا وأمريكا و إسرائيل ـ الذي يصنع سياسة الشرق الأوسط ويتحكم في الكثير من ملفات الحكومة المصرية ، كما يتحكم في الكثير من ملفات العالم العربي من المحيط إلى الخليج .
لهذه الأسباب كلها ،لجأت الدولة القطرية إلى الاهتمام بالتنمية المحلية و الخروج بالمجتمعات العربية من الفقر المدقع بدل من الاهتمام بمواضع أخرى تبدو أكبر من إمكاناتها اليوم .

ماجي نور الدين
أجدد الترحيب بأستاذي العزيز الدكتور علي ..
ونواصل حوارنا الفكري ورحلتنا الرائعة عبر
التلاحم مع الفكر العميق ورؤاك الغالية في بعض
الإشكاليات الفكرية التي نبحث لها عن تفسير ...
وبعد إذنك نعود لاستئناف الحوار :
قرأت بحثا جاء فيه :
يرى "محمد مصطفى القباج "أن الحوار مناسبة و وضعية
تواصلية ينتج عنه ميلاد مواقف جديدة و آراء مختلفة في
إطار و سياق يتميز بوجود عقل تواصلي الذي هو الآلية
أو الرئيسية لكل حوار حقيقي و صادق لا يضع أمامه غاية
سوى الغاية المعرفية انطلاقا من الإقرار بالاختلاف
و احترام الآخر المختلف.
وهنا أتوقف لأسألك أستاذي العزيز :
لماذا نعاني دائما نحن العرب من الفراغ الأخلاقي
وعدم امكانية إقامة حوار عقلاني متأدب يقوم على أساس
تقبل الرأي الآخر ومحاولة التحاور في الفكر دون التطرق
للشخصية ، والخروج عن المنهج الإسلامي الذي حدد
إطار التعامل والتحاور بين الضدين ...؟؟
وهذه السمة نجدها في أعلى قمة الهرم ممثلة في الرؤساء
والحكومات وإنسحابا إلى قاعه في الأشخاص العاديين..
فنجد الكل يتمسك بآرائه على أنها قرآن منزل لا يمكن
أن يخطىء فيه ، فيتقوقع عليها ويظل في برجه العاجي
لا يسمح بمساس هذه الآراء ..
ونقطة أخرى :
يشير المفكر الكبير الجابري رحمة الله عليه :
إلى أنه من الضروري التمييز بين الفكر كأداة والفكر
كمحتوى، مع أنه يلح في نفس الوقت عند حدود الفصل
المنهجي فقط .
و هكذا يرى أن الفكر ـ هو أداة ومحتوى ـ وهو دوما ناتج
عن احتكاك مع المحيط الذي يتعامل معه
وهو المحيط الاجتماعي الثقافي خاصة.


ومن هنا تظهر أهمية خصوصية المحيط الاجتماعي الثقافي
الذي يحيط بالفكر ويشكل خصوصيته ..
حيث أن الفكر العربي تشكل في ظل جملة معطيات
أهمها الواقع العربي نفسه بكل أشكاله..
ومنه استمد خصوصيته وسماته ..،
فكيف نستطيع التحاور مع هذا الفكر العربي ؟!
وهل لابد أن نضع اعتبارات الخصوصية
أعني خصوصية هذا الفكر عندما نحاوره ..أم ننأى
في الحوار عن هذه النقطة ونأخذه ككل دون تخصيص
ودون النظر في إشكالية الواقع العربي ومردوده
على الفكر العربي ..
ما رأيك أستاذي العزيز ومفكرنا الكبير الدكتور علي ..؟!
شكرا لك


تقبل تقديري واحترامي


علي المتقي
الفاضلة المحترمة و الأستاذة الجليلة : ممنون لك أنا بهذه الأسئلة التي تدفعني إلى التفكير في جملة قضايا تهم طبيعة الإنسان العربي و المثقف العربي بشكل خاص .
فيما يخص سؤالك الأول : طبيعة العلاقة مع الآخر تربية يتشربها الإنسان على امتداد حياته من المهد إلى اللحد عبر مؤسسات اجتماعية متعددة ( الأسرة وحكايات الجدة و المدرسة و الحزب والنقابة و الشارع ووسائل الإعلام ...) .
ومعلوم أن طبيعة التعليم الذي يتلقاه الإنسان من خلال هذه المؤسسات يتميز بما يلي :
1 ـ تعليم كمي أكثر مما هو كيفي .( تلقي المعلومات لا الكفايات)
2 ـ تعليم بنكي أكثر مما هو تعليم حواري ، يحكمه فعلان اثنان : فعل الأمر ( افعل هذا) وفعل النهي ( لا تفعل هذا).
3 ـ تعليم ماهيته مكتملة لا يساهم المتعلم في بنائه . فكل شيء جاهز مكتمل "لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه" من أوامر الأب إلى أوامر المعلم والأستاذ إلى أوامر الحزب إلى أوامر الدولة ، وليس لك الحق في مناقشته أو رفضه أو التمرد عليه ، وما عليك إلا التنفيذ لأنه ليس هناك أحسن مما كان .
إذا كان هذا تعليمنا وهذه تربيتنا ، فكيف يمكن أن نبني إنسانا يقبل الحوار ويؤمن بالاختلاف ، ويحترم رأي غيره ؟
وعلى الرغم من أن الدين الحنيف الممثل في القرآن الكريم و السنة النبوية يدعو إلى الحوار ، فإن مؤسساتنا الدينية أيضا لا تؤمن إلا بالرأي الواحد و الحقيقة الواحدة المطلقة ، وهي تلك التي يملكها الفقيه أو الأستاذ أو الوالي أو الحاكم ، وكل ما سواها هو زندقة أو بلبلة أو فتنة ينبغي محاربته .
في ظل هذه التربية الدينية و غير الدينية نشأ الإنسان العربي المسلم ميلا إلى الأفكار الدغمائية ( سلفية كانت أم لبرالية أم اشتراكية ) والواقع أن الأمر لا يخص حكامنا ، فكما تكونون يولى عليكم ، فالأمر يهم أيضا أحزابنا التي تنشق عنها كل سنة أحزاب أخرى بسبب الاختلاف في الرأي وحب الزعامة . ومؤسساتنا الديمقراطية تمار س ديموقراطية شكلية لأن نتيجة التصويت محسومة سلفا . ومؤسساتنا العلمية تُسيَّر بالطريقة نفسها ، وأسرنا يُسيَّر أغلبها بالطريقة نفسها . فمن أين تأتينا القدرة على تقبل الرأي الآخر ، والاستماع إليه ، و التعليق عليه بالقول التالي : سيدي أحترم رأيك لكننني لا أوافقك عليه؟ .
ومهما حاولنا أن نستورد المؤسسات الديمقراطية ، وأن نتبنى الشكل الديمقراطي ، فستبقى ديمقراطياتنا وحواراتنا حوارات تسير بآلة التحكم عن بعد ، ما لم نغير طبيعة تعليمنا حتى نساهم في تكوين جيل جديد يؤمن بحرية التعبير و حرية الرأي و التعايش بين الطوائف والأديان و الأفكار ، ونسبية الحقيقة ، أما الحقيقة المطلقة فلا يملكها إلا الله وحده .
تحياتي واحتراماتي أيتها الفاضلة المحترمة .
فيما يخص السؤال الثاني :يتعلق بالتمييز بين الفكر كأداة ومنهج و الفكر كمحتوى وكمادة . وعلاقة كل ذلك بالواقع العربي المحيط .
أولا : سأنطلق في مناقشة هذ الرأي من المسلمة الآتية : كل قراءة للتراث أو للواقع العربي لا تنطلق من خصوصيات الواقع و أسئلته الحارقة وهمومه واهتماماته وطبيعته وخصوصياته ، لا يمكن أن تقودنا إلا إلى طريق مسدود . فليس المفكرون والمثقفون و المحللون من يصنع الواقع ويفرضه ، وإنما هو شيء معطى نسعى إلى فهمه و تغييره و وتوجيه تطوره و التحكم فيه . لذا لا بد أن نراعي في كل قراءة لتراثنا و وحاضرنا ومستقبلنا خصوصيات الواقع العربي : إيجابياته ومقوماته و سلبياته ومعوقات تطوره .
ثانيا : إن الأسئلة التي يمكن أن نطرحها على فكرنا العربي في بعده التراثي أو المعاصر لا بد أن تكون عقلانية منبثقة من واقعنا المعيش ، لا أسئلة منبثقة من النظريات الجاهزة . وهنا يمكن أن نتحدث عن الفكر كمحتوى وكمادة .
ثالثا : مقاربة هذه الأسئلة يجب أن تتم وفق تصور عقلاني معاصر يستطيع أن ينتج معرفة بها . وهنا يمكن أن نتحدث عن الفكر كمنهج للتحليل و الدراسة وبناء الفكر .
خلاصة الأمر في نظري إذا أردنا أن ننتج معرفة علمية موضوعية صالحة لأن تترجم إلى تنمية مستدامة تهم مجتمعنا العربي ، لا بد من فهم الواقع كمعطى وطرح أسئلة عقلانية علمية براجماتية واضحة الأهداف ، والإجابة عنها وفق تصور عقلاني معاصر .

3 ــ أللهزيمة علاقة بطبيعة العقل العربي الذي يدبر أمور الأمة؟
طبعا له علاقة وطيدة ، فبعد الهزيمة مباشرة نشرت مجلة الآداب عددا خاصا طرحت فيه سؤالا على مثقفي العصر هو : ماهي أسباب الهزيمة ؟ فكانت الإجابات في معظمها تسير في اتجاه إدانة طريقة تفكيرنا ، ومن هذه الإجابات التي أذكرها إجابة أدونيس الذي يرى أن الفكر العربي يفتقد إلى مكونات تلاثة ، الحرية و الإبداع و التغير ، وهي المفاهيم الثلاثة التي بنى عليها مشروعه الحداثي في مجلة مواقف .
وإجابة نزار قباني التي تضمنتها قصيدته العصماء هوامش على دفتر النكسة ، هذه القصيدة التي أدانت التواكل والخطابة والأنظمة الحاكمة وطريقة تفكيرنا وتربيتنا ...
من هنا فخروجنا من الأزمات المتوالية لن يكون أبدا باستيراد النماذج النهضوية الجاهزة وإبقاء العقل في سباته ، وإنما بتحرير هذا العقل وحثه على الإبداع و التغير الذي لا يمكن تحققه إلا ذا توفر مناخ الحرية ،وأقبرت قوانين الطوارئ .
ماجي نور الدين

الدكتور علي ..
شكرا لهذا التحاور القيم حول بعض الإشكاليات الفكرية
التي ظهرت على ساحة الفكر والأدب مؤخرا ..
وشكرا لوقتك وأعرف قدر مشاغلك وضيق وقتك
ومع ذلك تعطينا من وقتك بتواضعك الجميل وروحك
الراقية المعطاءة .، وأية كلمة شكر أجدها عاجزة متقزمة
أمام ما تقدمه لنا دكتورنا الجليل ..
ومرحبا بأستاذي العزيز الأستاذ النويهي وما فاضت به
روحه وجاد به فكره علينا ..
وقد قرأت كثيرا أن فترة النكسة كانت نقطة فاصلة في حياة
الكثير من الشعوب حيث كان الإعلام يرسم صورة وردية مشرقة
عن الانتصارات المتوقعة ودحض القوة الصهيونية بصورة
لا تحتمل الشك ، وعندما استيقظوا على هذا الواقع الأليم
انهارت كثير من القيم والمفاهيم بداخل الكثير منهم ...؛
وقد عانوا بعدها من حالة اغتراب خلفت آثارا بالغة السوء
على تشكيل وجدانهم وهذا انعكس بطبيعة الحال على كتابات
الكثير منهم وأيضا على الفكر وتشكيل هوية الإبداع والفن
بشكل عام ..
وهنا أضع هذا السؤال العابر :
هل استطاعت الأيام مداواة هذا الجرح الغائر ؟
وهل فرض الانتصار في 1973 صورة أخرى استطاعت
أن تزيل آثار النكسة من هؤلاء ؟! فانمحت حالة الاغتراب
وآثارها ..، أم ظلت عالقة بدواخلهم ؟!
سؤال طاف في لحظة كتابة هذه السطور وأتمنى أن أعرف
إجابته ..
شكرا لك دكتور ودائما لك كل التقدير والاحترام
وأرق التحايا

عبد الرؤوف النويهي
وعيتُ على هزيمة مُرة واحتلال أراض عربية واندحار العقل العربى من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه.
هزيمة مروعة ،هزيمة يونيو 1967م، التى هزت العروش وأطاحت بالثوابت لخير أمة أخرجت للناس ،وشاعت الدروشة "واجتاحت جماهيرالناس موجات من اللاعقلانية الهيمانية بل ربما كانت هذه اللاعقلانية مغروزة فى طبائعها كألوان جلودها ،تنفر ممن يحاول إزالتها وتميل مع من يزيدها فى أنفسهم رسوخاً ،فجماهيرنا دراويش بالوراثة ،فإذا عقل بعضهم كان ذلك قبساً دخيلاً على طبع أصيل ،ولاعجب أن تروج فيهم الخرافات والكرامات والخوارق بأسرع من رؤية البرق إذا لمع" تجديد الفكر العربى ص163
ولن أنسى ماحييت هزيمة يونيو 1967م ورسوخها فى عقلى ووجدانى ،رسوخ الجبال الرواسى ،فلم ينل منها الزمن ولم يعترها النقصان ، فقد رأيتُ والدى، رحمة الله عليه وغفرانه ينهار انهياراً ساحقاً إثر الهزيمة المروعة واحتلال سيناء والجولان والقدس الشريف وضياع فلسطين الحبيبة ،وجدته يدخل البيت مسرعاً ،ويبدأ فى البحث عن المصاحف الشريفة ويفتح صفحاته على سورة محمد ،وبعد لحظات أراه منهاراً يبكى ويحوقل ،وأقترب منه على أطراف أصابعى وأسأله عما يفعله وما يبكيه ،فيرد علىّ ووجهه حزين ،بل ربما الحزن الذى لم أره فى حياتى حتى اللحظة ،وبصوت واهن يلتمس القوة يقول :كنا جالسين اللحظة فى دوار العمودية مع جدك العمدة وآخرين ،ودخل علينا الشيخ فلان الفلانى وقال لنا : لقد رأى فى المنام أن الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له:سوف تهزمون اليهود وتدخلون القدس والدليل على صحة رؤياه وجود شعرة بيضاء من ذقن الرسول صلى الله عليه وسلم فى المصاحف عند سورة محمد.واستطرد ،والدى، فجئت لكى أتأكد من هذه الرؤية ،فلم أجد شيئاً!!!

علي المتقي
الأستاذ الفاضل عبد الرؤوف النويهي : أنا ـ واحد ممن عاشوا مرحلة السبعينيات و الثمانينيات و تكونوا على يد جيلي الخمسينيات والستينيات ـ ، أحس بمرارة اليوم لما آل إليه وضعنا ، فقد كنا بالأمس نعيش على أمل ، أما اليوم فقد فقدنا هذا الأمل ، لنستأنس بيأسنا الأبدي . لذا ، أجد نفسي مندفعا إلى الحديث معكم كلما فتحتم نافذة عن واقع المرحلة السابقة أو عن كتاب من كتبها . فها أنت تجرني جرا فأنجر بسهولة ويسر إلى حضن الأمس الجميل . لكن السؤال الذي يؤرقني هل يظل جيلي يبكي على أطلال الماضي دون أن يفعل أي شيء من أجل الخروج من الوضعية الحالية ؟ وماذا بوسعه أن يفعل ؟ هل ينخرط في سؤال التنمية كما أرادها الغرب أن تكون ، وبذلك يعيش عصره ؟ أم ينسحب في هدوء ليسمح للأجيال الجديدة أن تطرح أسئلتها وتجرب أدواتها ووسائلها كما طرحنا أسئلتنا و جربنا آلياتنا النضالية في النهوض بهذه الأمة ؟
تحياتي واحتراماتي أخي الأعز .


الدكتور حكيم عباس الجزائر
تحيّة طيّبة للأخت الفاضلة ماجي نور الدين ، صاحبة المبادرات المفاجئة و الفعّالة
الأساتذة الأفاضل ، الدكتور علي المتقي
الأستاذ عبدالرؤوف النويهي
الأستاذ يسري راغب

أرى أنّكم أخذتم ركنا دافئا هنا ، تستمتعون بهدوءه ، و باستفزازات العقل الجميلة ... لوحدكم؟ لماذا؟
انشغلت عنكم في ضجيج "ماكينات" الحياة اليومية الصاخبة في أرجاء الملتقيات هنا و هناك ، و طالما لم تُبتر أصابعي بعد ، و ما زلت قادرا على نقر لوحة المفاتيح ، فلا بأس بإزعاجكم ، و نقل بعض الضجيج هنا، فهذا الهدوء يدفع لكتابة الشّعر ، لكن من يجرؤ بحضرة الدكتور علي المتّقي؟! إذاَ هل لي مشاركتكم هذا الهدوء و هذا القلق و هذا الحزن المقدّس؟
قرأت من بين ما كُتب هنا في إحدى مداخلات الدكتور علي المتقي ، هذه الصرخة : " لماذا يتقدّمون و نحن نتأخر" ، فكأنّني أسمعها لأول مرة ، بكل قوّة فجائيّتها ، رغم سماعها آلاف المرات ، فكأنّها ظلّت تحمل صدمة من اكتشف نفسه في غياهب الجب ، و سمع أجراس القافلة تبتعد "متقدّمة" في طريقها ، يشقّون عنان السماء.
نفس التفاجؤ الذي جعل شكيب أرسلان يصرخ أيضا "لماذا تقدّم الغرب و تخلّف الشرق" ، الرعب الذي جعل عبدالله النديم يلجأ للضمير الغائب فيقول عنهم ، يتقدّمون ، خفّت وطأته ، فتجرأ أرسلان ليُسمي الضمائر واضحة "شرق" و "غرب" ، فكانت أكثر إخافة ، و أشدّ إثارة للقلق.
ها أنا أجد حضراتكم بعد ما يزيد عن قرن و نصف من الزمان ، تردّون نفس صرخة التّفاجؤ و الحيرة ، كما أفعل أنا ، و كما يفعل جميعنا .. تُرى ألم نستيقظ بعد من هول الصدمة ؟ من هول الاكتشاف المفاجئ بأننا في الشرق تخلّفنا ، و هم في الغرب تقدّموا ؟؟ نعم .. لم نفق بعد .. لم نفق
على ما يبدو ، تحوّل التقدّم لهيمنة و سيطرة ، عنيفة تارة ، و ناعمة تورا أخرى ، مثل "كمّاشة" تلتقطنا بين فكّيها ، تحوّل التّخلف لتبعيّة و انصياع ، يجمّله بعضنا حينا و نتململ بوجهه أحيانا .
لنعود للصرخة الأولى ، كيف اكتشف المثقف العربي قبل ما يزيد عن قرن و نصف من الزمن ، شرقه تخلّف و تأخر و غربهم قوي و تقدّم؟
أليس عندما جاء الغرب يجتاح الشرق ، و عندما خرج هؤلاء الرجال ليروا الغرب في عقر ديارهم ؟؟
إذاً ، لم يتم اكتشاف الفرق الهائل بيننا و بينهم ،كمحصلة وعي اجتماعي ، و حركة نقدية ثقافية و فكرية ذاتيّة ، بل على العكس تماما ، كان الوعي الاجتماعي غائبا ، لا وجود لوعي ثقافي نقدي ، لم تكن الثقافة أصلا في قاموسنا التراثي كدلالة لفظية ، و لم تُعطى وظيفة اجتماعية نقدية . بكل بساطة و سذاجة ، رأيناهم ففغرنا فينا مشدوهين مصدومين ، نعيد صرخة عبدالله النّديم .
حتما و جد الرّجال الأوائل أنفسهم أمام السؤال الحتمي التالي : من أين جاء التّخلف و كيف نتخلّص منه؟؟
و هكذا غدونا مجتمعا لا يعي أسباب تخلّفة ، بل تدور الحروب الطاحنة على هذه الأسباب ، لا يتمتّع بوعي ثقافي ذاتي ، و لا يجيد وظيفة النقد الإجتماعي للثقافة كي يتمكّن من طرح قضاياه و حلولها.
فكان من الطّبيعي البحث المحموم عن الخلاص و التنوّع و الاجتهاد ، رفاعة الطهطاوي يرى الخلاص في حقوق المواطنة و تساوي النّاس بالحقوق و الواجبات.
الكواكبي يراه باسقاط الاستبداد ، قاسم أمين يراه بتحرير المرأة و العلم حيث مستقبل الإنسانيّة جمعاء. محمد عبدو يراه في تجديد الفكر الإسلامي و الركون للعقل ، فرح أنطون يريد مجتمعا مدنيّا يخطّ طريق الخلاص. علي عبدالرزاق يراه في نقض "بداهة الخلافة" و الرجوع "لأصول الحكم في الإسلام" . طه حسين يراه في فصل الدين عن العلم دون تمايز و مراتب بينهما ، فلكلّ مجاله. و البنا رآه في تسييس أوسع للإسلام و تحزّبه ، و سيّد قطب رآه في إعادة الدخول و اعتناق الإسلام ، كأننا أمام الدّعوة المحمدية في يومها الأول ، و كأنّها إعادة بناء للأمة من نقطة الصفر...
اشتعلت الدنيا فينا و من حولنا ... سُمّم الكواكبي ، و النديم طرد ، حوكم طه حسين و ما زالوا يمضغون لحمه ، كُقّر و حوكم علي عبدالرزاق ثم طرد ، قتل البنا ، ثم قتل سيّد قطب... و المعركة ما زالت تدور حتى وصلت بين أبو زيد و زوجته ، و ها هي على أعتاب شهرزاد و شهريار ...
و ما زلنا نطرح السؤال الذي هاجمنا كحيوان خرافي مفترس ، كيف الخلاص؟ و على رأي الأستاذ النويهي : من أين نبدأ؟؟
هل اختلف شيئا بين مدّ وجزر ، منذ أكثر من قرن و نصف ؟؟
لا شيء .. لم يختلف شيئا إلا ما أورده الدكتور علي المتقي حول التنمية و التطوّر الظاهري الشكلي ، و الذي لا ننتجه نحن أصلا.. بل و ليس لنا القدرة على انتاج ما نستخم و ما نزركش به مظهرنا و حياتنا اليومية..
يا رب ّ من أين نبدأ و كيف؟؟
يا ربّ إنّنا نغور شيئا فشيئا ، فمن أين نبدأ و كيف؟؟
رفع السابقون المصاحف على أسنّة الرّماح لإسكات الحرب و لو خدعة ، و نحن نرفعها ليل نهار على أسنّة الرّماح لتثور الحرب و لا تقف...

تحياتي  حكيم


علي المتقي


الأستاذ الجليل حكيم عباس : سعداء نحن بوجودك بيننا أديبا وناقدا ومفكرا يناقش قضايا الفكر العربي بعقلانية متنورة ، ويطرح الأسئلة المستفزة للعقل أكثر مما يقترح الإجابات ، كل ذلك وفق تصور منهجي يساعد القارئ على تتبع آرائكم وتحليلاتكم بدءا من المسلمات و انتهاء بالنتائج .
الأستاذ الفاضل : منذ قرن ونصف تغيرت الأهداف ، فتغير السؤال وتغيرت الوسائل ، دون أن يعني ذلك أننا انتهينا من السؤال الأول واقتنعنا بالإجابات المقترحة وخرجنا من النفق المسدود .
السؤال الأول كان سؤالا علميا ومعرفيا . كيف نخرج من تخلفنا ونتقدم كما تقدمت باقي الأمم.وكانت الأجوبة متعددة ومتنوعة "ترجمت على أرض الواقع العربي بهذه الطريقة أو تلك" دون أن يكون لذلك أثر على وضعيتنا التي تزداد تأزما سنة بعد أخرى .
وكعادة الأمة العربية في كل المجالات ، كلما اصطدمت مطالبها بجدار من الجدران المتعددة ، بدأت في البحث عن طريق جديدة، تتخلى فيها عن مطالبها المستحيلة لتعلن مطالب أخرى تبدو أسهل وقابلة للتحقيق . هكذا انتقل الفكر العربي من سؤال العلم و المعرفة بوصفهما أداة التقدم والتطور إلى سؤال التنمية الذي ليس في نهاية المطاف سوى محاربة الفقر وضمان دخل قار مهما كان ضئيلا ، وامتلاك معرفة تقنية براكماتية تحتاجها الشركات المستثمرة في وطننا العربي .
فبدأت الأسئلة تتناسل وتتفرع لتصل إلى خلخلة كل المعارف التي كنا نعتقد أنها ثابتة . من بين هذه الأسئلة : أي دور للجامعة مادامت لا تخرج إلا جيوش المعطلين . أي دور للغة والآداب والعلوم الإنسانية في عالمنا العربي اليوم عالم التنمية والمقاولة والاقتصاد؟
فتحولت المؤسسات الجامعية إلى معاهد ومدارس لتكوين التقنيين .
وفرق كبير بين سؤال الأمس الذي يطمح إلى أن نمتلك سلاح التطور وهو العلم والمعرفة والعقلانية . وسؤال اليوم الذي تخلى عن العلم و المعرفة لينشغل بأدوات و آليات المعيش اليومي ، الذي نقلنا معه من الاهتمام بقضايا الأمة إلى قضايا الدولة القطرية ،بل قضايا الجهة والمدينة والقرية ، فظهرت تناقضات بين هذه الدولة وتلك زادت من تأزيم الوضع .
و الخطير أن لا إجابات الأمس ولا إجابات اليوم نابعة من صلب واقعنا العربي بكل تناقضاته وطبيعة علاقاته بمحيطه الغربي و الشرقي ، وإنما هي إجابات مستوردة من واقع آخر مخالف لواقعنا .
تقديري واحترامي لك الأستاذ الجليل .


علي المتقي
الأستاذ الجليل حكيم عباس :
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت من إيلام
بالأمس كانت الصدمة ، وبعدها اعتقدنا أننا عرفنا الجواب واكتشفنا الطريق ،أما اليوم فقد تشربنا أجاج الماء ومرارة الهزائم المتوالية حتى صار طعمنا في زمن الحرب كطعمنا في زمن السلام ، لا إحساس بالمرارة ولا بالكرامة إذ لم يعد الجرح يؤلم ، لهذا لن نتحدث عن هول صدمة أو مفاجأة لأنه ليس هناك أسوآ مما كان . وما يقوم به الجيل السابق اليوم هو كونه يعيش ما اصطلحتم عليه بالحزن المقدس الذي لا أجده داخل هذا الملتقى إلا عند عبد الرؤوف النويهي ، فأنزوي معه في ركن من الأركان لأسترجع بعض الإحساس بالمرارة .
بالأمس ربما هناك تفكير في التخلف وإمكانية الوعي به ، والقدرة على اقتراح حلول عملية للخروج منه اشتغلنا عليها قرنا من الزمن . أما اليوم ، فلا وعي ولا رغبة حتى في امتلاك هذا الوعي . إننا مجموعة دول وليس أمة واحدة ، كل قطر يفكر في مصالحه القطرية في علاقته مع الغرب لا مع جيرانه .
من هذا المنطلق لا مناص من طرح أسئلة جديدة من طرف جيل جديد تضمن لنا البقاء أحياء ،فلا حياة بدون أسئلة تزرع الأمل في كون إمكانية النهوض ممكنة ، ننشغل بها عن الموت البطيء.
الفاضلة ماجي : اسمحي لي أن أطرح السؤال بطريقة أخرى متى نستطيع القول إننا انتصرنا ؟حتى نحكم هل انتصرنا فعلا في حرب 73 .
كيفما كان الجواب ، نسجل لحرب 73 ما يلي : لأول مرة استخدم النفط العربي سلاحا ، ولا أعتقد أن يتكرر ذلك اليوم . ولأول مرة تحقق التضامن العربي، وشاركت في الحرب كل الدول العربية من المحيط إلى الخليج ،ولا أعتقد أيضا أن يتكرر ذلك اليوم .
لقد أقنعتنا الحكومات ـ ونحن أطفال ـ أن الحرب التي خضناها هي حرب كرامة ، لكن نتائجها كانت وخيمة ، ندرك بعضها وبعضها ما زال في طي الكتمان . من نتائج هذه الحرب معاهدة كامب ديفيد ، واسترجاع بعض الأراضي العربية بشروط يعلم الله خفاياها . ومعاهدة أوسلو التي تقيدنا بشروطها وقيودها دون أن يتقيد بها الغرب أو إسرائيل .و حصار الأراضي الفلسطينية برا وبحرا ، و ألا نقول: لا في وجه من قالوا نعم ، أو نعم في وجه من قالوا لا .
بعد ذلك جاءت المذابح المتوالية في لبنان و فلسطين ، وتتابعت حروب الخليج ، وختامه ،تطرف في الأفكار ، وحرب عشواء على الإرهاب وغير الإرهاب . وقد سئل الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز عن مفهوم الإرهاب ، فقال : كل من هو ضدي فهو إرهابي .
فأي جرح هذا الذي اندمل ؟ إن ما وقع هو التكيف مع الواقع المر ، وفقدان الإحساس بالألم ، والقدرة العجيبة على النسيان بسرعة .
وعندما يصير الكل مغتربا ، يفقد الاغتراب معناه لأن كل غريب للغريب نسيب .
تقديري واحترامي


عبد الحميد مظهر
بسم الله الرحمن الرحيم

الأستاذة العزيزة الراقية مقدمة هذا اللقاء ماجى

اعزائى
د. على المتقي
د. عبد الرؤوف
الأستاذ يسرى
د. حكيم

تحية طيبة
أشكركم على ما تقدموه على هذه الصفحة الجميلة ، ومتابع معكم إن شاء الله
وتحياتى

علي المتقي
الأستاذ الجليل عبد الحميد مظهر : سعداء بحضوركم الشرفي، و ننتظر حضوركم الفعلي . تقديري واحترامي

 
عبد الرؤوف النويهي
سنوات عجاف عشتها متنقلاً بين الصواب والخطأ،بين الصراخ والنواح ،بين الهزيمة والفشل .هزيمة مروعة رأيتها وجلدتنى بنيرانها الحارقة وسقوط الآلهة المزيفة التى أخذت بخناقنا سنوات وسنوات ،ونصحو على جريمة من أشنع الجرائم فى حق الشعوب التى أسلمت قيادها وسكرت بتغيير آملةً فيه خيراً كثيراً.
موت الألوف من الأطهار الأبرياء ،واحتلال يمتص الدماء ،وانكسار العزة وضياع الكرامة ،وعودة إلى الأناشيد المضللة ،ولاصوت يعلو فوق صوت المعركة ..
أين كان الأشاوس الأحامد النشامى الثوار الأحرار ؟؟
عشت مذهوب العقل ،مشتت الفكر ،أبحث عن يقين ،أبحث عن أسباب هزيمة فادحة أكلت الأخضر واليابس .
ما شغل بالى حتى اللحظة ،والذى تكتمت عليه السلطات وطمست معالمه الفاجعة ومدى تأثيرها على واقع أمة منكوبة برجالها ،ألا وهو :
**تهجيرأبناء ثلاث مدن وتوزيعهم فى طول البلاد وعرضها .
**التعتيم على أسباب الهزيمة .
ذات صباح حزين ..فوجئت بخيام تُنصب فى الأجران ،وسيارات تحمل أبناء مدن القناة "السويس ،الإسماعلية ،بورسعيد " وفتح المدارس لإسكانهم وفرض الأوامر على أبناء القرية بتوفير الأطعمة والملابس والأغطية وتسكينهم فى بيوت القادرين .
كان من نصيب القرية العديد من أسر مدينة السويس، الذين فقدوا بيوتهم وملابسهم وتاريخهم ،عشت معهم والسؤال تلو السؤال ينخر فى عقلى .
ما الذى حدث حتى يتم تهجير ملايين من البشر ؟؟
أين كان القادة وأصحاب الجاه والسلطان ورجال السلطة وقادة الجيوش ؟؟

لم أجد إجابةً ،فالتعتيم التعتيم التعتيم وتموت الأسئلة .
مجتمع الريف المنغلق على ذاته وتقاليده الصارمة وأعرافه المتشددة ،كيف يصمد هذا المجتمع لسلوكيات غريبة عليه ؟؟
وضاقت القرية بناسها وزادت مشاكلها وكثرت جرائمها وسادت الفوضى ،وأصبحنا نُطلق على أبناء السويس ،المهجّرين ،فقد أتوا بلا مال ولا عمل ولالقمة ،وسطوا على ما تم تخزينه !!!
وعاشت القرية ،سنوات مريرة صعبة ، تشكو الفقر والفاقة وشظف العيش وصرنا، أصحاب القرية ،غرباء ..فكل يوم تأتى السيارات ،وتًفرغ حمولتها ،من أبناء وبنات مدن القناة ،وتتعقد الحياة أكثر فأكثر..وتضيق بنا البيوت وتؤخذ اللقمة من أفواهنا ،وتمتلأ الأجران وأفنية المدارس بالخيام ..
ياله من منظر حزين !!!

فواز أبو خالد السعودية

أشكرك الأستاذة ماجي نور الدين
على هذا الحوار مع الدكتور علي المتقي
وسؤالي عن الخطر الذي يتهدد العرب اليوم من قبل إيران
وتدخلها في الشؤون الداخلية للبلاد العربية .. ونشرها
للتشيع في .. سوريا خاصة ..
وهل تتوقعون وجود تحالف بين إيران وأمريكا وإسرائيل
ضد العرب ..... خاصة أننا منذو سنوات نسمع تهديدات
ولم نرى أي ضربات لها .......؟
تحياااااااااتي لكم .

علي المتقي
الأستاذ الفاضل فواز أبو خالد : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته : من المسائل التي يتميز بها المثقف عن غيره من الناس أن يعرض كل ما يصله من أخبار و تحليلات على العقل ، فما قبله و اقتنع به يقوله ، وما رفضه ولم يستسغه ـ لاعتبارات منطقية ـ رفضه أو على الأقل تجنب الخوض فيه .
ومنذ بداية الحديث عن علاقة إيران بالعالم العربي ، و أنا أطرح على نفسي السؤال تلو السؤال عن طبيعة هذه العلاقة و الخيوط الخفية المتحكمة فيها ، والعراب الذي يحركها متى شاء وكيف شاء .
بالتأكيد إيران دولة كباقي الدول لها مصالح في كل مكان ، وتسعى بكل إمكاناتها المادية والديبلوماسية و العقدية للمحافظة على هذه المصالح و توسيعها في جميع أنحاء العالم بما فيه العالم العربي الإسلامي . لذا فما تقوم به إيران ليس بدعة ولا عملا من أعمال الشيطان الذي لا تفعله إلا هي .
هل في ما تقوم به إيران من أنشطة عقدية بشكل خاص يشكل تهديدا لعالمنا العربي ؟
في نظري ـ والله أعلم ـ قد يكون فيه خطر ، لأن من أساسيات الأمن والاستقرار ، وحدة المذهب العقدي . و خلق أتباع لمذهب آخر كيفما كان هذا المذهب في هذا القطر أو ذاك ينتج عنه تعدد الطوائف بعاداتها وتقاليدها وأعرافها وعباداتها ، مما ينتج عنه اختلاف بين أبناء القطر الواحد ، فنجد لكل طائفة مساجدها ، وأئمتها الذين يعلنون بداية الصيام ونهايته ...
لذا نحن ـ في المغرب العربي ـ لسنا ضد أي مذهب من المذاهب، ولا ننقص من قيمة أي مذهب ، لكننا نرفض تعدد المذاهب في وطننا ، حفاظا على وحدة المذهب ووحدة الأمة ، فوقفت الدولة ضد التشيع وضد المذهب الوهابي وضد السلفية الجهادية ، وضد التنصير باستغلال حاجات الناس وفقرهم .
أما في المشرق العربي ، فالأمر أعوص ، بعدما أصبحت كل الدول هناك خليطا من المذاهب ، وما يجري في العراق غير بعيد عنا .
هل إيران دولة معادية وتتآمر مع إسرائيل والولايات المتحدة ضد العالم العربي ؟. كلام لا أستسيغه ولا أقول به أبدا . فأمريكا لافرق عندها بين عربي وفارسي ، و الخطر الذي يتهددنا من إيران أقل ألف مرة مما يتهددنا من غيرها ، ففي حرب الخليج الأولى والثانية، لم تتدخل إيران و لم تسمح باستعمال أراضيها من طرف دول التحالف على الرغم من العداوة المقيتة بينها وبين النظام العراقي السابق ، بل وخرجت عشرات المظاهرات في طهران تضامنا مع الشعب العراقي ، ولو تحالفت مع الولايات المتحدة آنذاك لوجدت ألف مسوغ لتبرير ذلك ، ولم تتحالف معها ضد أفغانستان على الرغم من اختلاف المذاهب . وإذا لم تضربها الولايات المتحدة أو إسرائيل بعد ، فلأن هؤلاء يحسبون ألف حساب قبل أن يخطو خطوة واحدة في اتجاه التصعيد .
السيد فواز :لا أقول إن إيران ملاك طاهر ، ولا أقول إنها شيطان رجيم ، إنها دولة عصرية تبحث عن مصالحها ، وتعمل على أن يميل ميزان القوى لصالحها ، فلنعمل كما تعمل إيران دفاعا عن مصالحنا حتى لا نخدم أجندة غيرنا .

فواز أبو خالد
أشكرك أستاذنا الدكتور على المتقي
وإن كنت أعترض على قولك المذهب الوهابي لأنكم تظلمون
أهل الخليج والسعودية بهذه النسبه فلا يوجد شئ إسمه المذهب الوهابي ولكنهم على المذهب الحنبلي وغالبا أهل البدع إذا أعيتهم الحجه وأخرسهم الدليل الشرعي قالوا لخصمهم أنت وهابي حتى يردوا الحكم الشرعيوكأن الوهابية كما يسمونها ناقض من نواقض الإسلام ...!!
تحيااااااتي لك .
......
علي المتقي
الأستاذ الكريم فواز أبو خالد : معذرة أخي ، معاذ الله أن يصدر مني مس بأي مذهب من مذاهب الأمة ،أو تنقيص منه ،وهابيا كان أم حنبليا أم غيرهما ، فلكل طائفة مذهبها التي تعتقد أنه الأصلح ، ولا أرفع من قيمة أي مذهب فوق باقي المذاهب حتى ولو كان المذهب المالكي الذي يسير على نهجه المغرب . وما دعوت إليه وما زلت أدعو إليه هو وحدة المذهب . ولو كنت في الخليج ، لاتبعت المذهب الذي يتبعه أهل الخليج إيمانا مني بأن كل المذاهب صحيحة . حتى إذا جئت بلدي اتبعت طريقة أهل البلد . فلايهمني أن أكون حنفيا أو حنبليا أو مالكيا أو شافعيا ، بقدر ما يهمني أن أنبذ كل ما من شأنه أن يفرق بين أبناء البلد الواحد .
أرجو أن أكون قد وضحت وجهة نظري الصادقة التي أعتقد بصحتها في أمر حساس ، والله سبحانه يحكم بين الناس في ما هم فيه مختلفون . 

ماجي نور الدين
أستاذي الغالي ومفكرنا الكبير الدكتور علي ..
عذرا لطرح سؤالي الذي حمل معه الكثير من المواقف
المتخاذلة من القادة الذين سعوا دائما منذ فجر التاريخ
إلى الآن للجلوس على كرسي السلطة ورعاية مصالحهم
الخاصة على حساب كيان الشعوب التي عانت الأمرين
من كل القرارات المصيرية التي أسست على المصالح
الخاصة والحصول على رضى من يتبعونهم ويسيرون
أمورهم وفق ما يريدون ..!
وأنتقل إلى نقطة أخرى :
كنت أتابع مسلسلا دراميا وكان محوره كما هو معتاد
الصراع الأزلي بين الخير والشر ..
فوجدت بين يدي نموذج الشر في هذا المسلسل
كتاب " الأمير " لـ مكيافيلي الفيلسوف والسياسي
الإيطالي الذي كان إبان عصر النهضة وأصبح
الشخصية الرئيسة والمؤسس للتنظير السياسي
الواقعي وقد أصبح فيما بعد عصب الدراسات السياسية ..،
ويعتبر مكيافلي أحد الأركان التي قام عليها عصر
التنوير في أوربا ..
وأشهر كتبه على الإطلاق هو " الأمير " ذاك الكتاب
الذي أصبح فيما بعد ملازما للشر في الفنون ..
وهذا ماحدث في هذه اللقطة الدرامية بتوظيف
وجوده كـ إشارة لذلك ..
وهذا الكتاب كما هو معروف لم ينشر وقت حياة
مكيافيلي ولكن نشر بعد وفاته بــ خمس سنوات ،
وقد هاجمته الكنيسة ومنعت تداوله وقتئذ ..،
ويعد القرن الثامن عشر هو بداية بزوغه عندما مدحه
جان جاك روسو ، وشهد له هيجل بالعبقرية
واختاره موسوليني ليقدم أطروحته لنيل درجة الدكتوراه ...
أستاذي الفاضل الدكتور علي ..
ما رأيك في منهج مكيافيلي السياسي الواقعي ،
باعتبار أنه هو المؤسس لهذا التنظير السياسي الواقعي ؟
ولماذا كان له هذا التأثير القوي كما سبق وأشرت؟؟!
وهل لك نظرة مخالفة في كتاب مكيافيلي الأشهر" الأمير" ؟!
أعتذر عن الإطالة ولك دائما جل احترامي
وكل الود الجميل


علي المتقي

الأستاذ ة الجليلة ماجي : تنتقلين كالنحلة من زهرة إلى زهرة ، وتطلبين مني أن أبدي وجهة نظري في مواضيع شتى، بعضها له صلة بتخصصي، وبعضها ينبغي أن يكون لي فيه رأي لأنه يهمني كمواطن عربي السياسة عنده كالقوت اليومي .
فيما يخص الميكيافيلية : تصور فلسفي وليد القرن الرابع عشر والخامس عشر ، يضع نصب عينيه هدفا واحدا ، ويبحث عن كل السبل للوصول إليه دون أن يوقفه أي وازع أخلاقي أوديني أو عرفي . وغايته الأولى تدبير أمور الدولة والتحكم في خيوط اللعبة.
لكن هذا المبدأ الفلسفي الذي ظل له حضور قوي حتى اليوم إذ ينتقده السياسيون علانية ويطبقونه سرا، كان وليد مرحلة ، إذ اهتم ميكيافيلي بدراسة المجتمعات و الدول قبل الوصول إلى صياغة نظريته في أمور السياسة .
وتسمية ممارسة العمل السياسي باللعبة دليل على حضور هذا التصور الفلسفي في القوانين التي تحكم العمل السياسي اليوم .
لهذا أعتبر اللعبة السياسة لعبة قذرة تلوث كل من اقترب منها ، لم أخلق لها ولم تخلق لي . إن حضور الميكيافيلية في أبشع صورها هو ما أرفضه في العمل السياسي .
إن ميكيافيلي لما وضع تصوره لواقعية السياسة لم ينظر للشر فحسب بل نظر لفن الممكن خيره وشره ، لكن السياسيين المعاصرين لا يرون إلا الجانب السلبي فيها ، الذي يجعل منك وأنت تقتحم عالم السياسة كمن دخل وادي الأفاعي لا يعرف من أي جهة سيلذغ ومن سيلذغه. ويجعل السياسي يمارس فن الكذب و النفاق فهو في المعارضة ينتقد موقفا وفي الحكومة يتخذ الموقف نفسه ويدافع عنه بأسنانه .
السؤال المطروح : هل يمكن للسياسة أن تكون شيئا آخر غير ذلك "؟ أشك في ذلك ، لذا جعلت بيني وبينها حجابا مستورا . والله على ما أقول شهيد .


عبد الرؤوف النويهي

ياله من منظر فاجع!!
ياله من منظر حزين!!
فجأة ً ..تقلبت الأحوال بالقرية واختلط الحابل بالنابل وانتشرت سلوكيات غريبة وملابس فاضحة تناقض السائد والمألوف ،وتعرضت المزروعات للنهب ،صبيان وبنات ينامون فى الخيام بلا عائل ولاحاضر ولامستقبل ،وشوارع تضيق بأهلها وفصول مكدسة بطلابها وطالباتها .
كنا صغاراً.. لانجد سوى النواح والعديد ،عن ابن الأسرة الفلانية ، الشاب الذى عاد جثة هامدة ،وتأتى به سيارة عسكرية ويتم دفنه،ليلاً، فى سرية تامة ودون ضجيج والتنبيه المشدد بالسكوت والخرس والبكاء الصامت والحزن المكبوت ..
وأسرة أخرى ترتدى نساؤها السواد ووجوههن شاحبة غارقة فى الدموع ..فلم يعد شبابها من الجبهة ..صرحت السلطات أنهم مفقودون ،فلايدرى أحد أهم أحياء أم أموات ..
والانتظار مٌر ومرير ووحش يفتك بالعقول .
وشيوخ القرية فى صمت وموات وحيرة واستغراب وحوقلة واستغفار ، وينهار خالى، الشاب الطموح ،ويسقط فى بحر الحيرة ،كان أحد شباب الثورة الأوفياء ، وأنظر إليه وقد دخل فى غيبوبة ،فقد معها اليقين بالثوار الأحرار وبرجال الثورة ،وتتحطم على صخر الهزيمة عزيمته ،ويسقط قلبه فى ليل العنكبوت ،ويمتلكه الحزن الأسود .
عشت معه لحظات الجنون العاصف والغضب الساحق ،أحنو عليه وأجالسه وأقرأ له كتبه الدراسية ، فإمتحان التوجيهية "الثانوية العامة " بعد أيام ، وينسى خالى عزيز.. كل ما قرأه ومادرسه طوال عام دراسى شاق ،وما تنتظره الأسرة والعائلة من شابها الطموح الذكى ،زهرة شباب العائلة ، ويبكى والدى رحمة الله عليه ،ويدعو له أن يجتاز الإمتحان بتوفيق الله وعونه.
لكن ما أصاب خالى عزيز ..أفقده اليقين ودخل فى أدغال الصمت المميت ،حزيناً يائساً ،فقد كانت مصر فى قلبه تخفق مع نبضاته وشهيقه وزفيره .
وانكسرت مصر ،وضاع خالى عزيز ،فقد عاش،فيما بعد، فى مأتم لاينتهى .
"ياسادتى
قد فض مأتم العزاء
والميت الذى دفنتموه
قد قام يطلب المحاكمة

ذو المعطف السميك يقول
إنه القضاء والقدر

وبائع الخمور قال
إنها الحظوظ والمصادفة

وقارىء الكتب يقول
لم ترد حكايته

وقال ماسح الأحذية
قد كنت غائباً
ونظرتى قصيرة
ولاتجاوز الجدار

لم يكشف الستار مرة لكى يرى
لم يكشف الستار

وقال زارع الحقول
الله يبعث البلاء
لكى يطهر العباد
من آفة الفساد "

محمد إبراهيم أبوسنة ..
المحاكمة ..ديوان "حديقة الشتاء"

وقال آخرون
أين حكامنا الأشاوس الأحامد الأحاسن؟؟؟
وعشت لحظة المرض حتى الموت.
وكان الفصل الأخير ،من رواية هزلية،إغتيال العقل.


المتقي
الأخ الكريم عبد الرؤوف : إننا في المغرب العربي تجرعنا كأس الهزيمة ، لكن بالتأكيد ليس من نفس الكأس التي تجرعتها دول الطوق مصر وسوريا ولبنان و الأردن وفلسطين ، فنحن نحس بالمأساة من خلال السمع ، أما أنتم فقد عشتم المأساة ، و يؤلمني أن أعيشها معكم من خلال هذه الشهادات الحية .

محمد جابري المغرب
الأستاذ الكريم د.علي متقي؛
مجلس طيب ومقام رفيع شغلت عنه بالقيل والقال والقمني و...
أستغل هذه الفرصة الناذرة بالفعل، وأنت ممن احتكوا بالد. عابد الجابري، وبد. طه عبد الرحمان.

1- في شأن المرحوم عابد الجابري ألا ترى -أخي الكريم - منعرجات فكره وتموجاتها مع الظروف وأجواء الحزبية اليسارية في السبعينات والثمانينات، والتسعينات، ثم انعطافه حول التفسير في الفترة الأخيرة من عمره.
كل هذا والفكر الرشدي مهيمن عليه، موجه سلوكه، مستحوذ على أنفاسه.

2- د. طه عبد الرحمن رجل صوفي صادق المشاعر، غريب الأطوار الفكرية، عميق النظرة للأشياء، يهيمن عليه العقل المسدد بالوحي.
مع كل هذا أضحت الهيرمونيطيقا أو تعدد القراءات أحد وسائله في تحليل النصوص القرآنية وقد رفضها السلف الصالح، وأبعدها المعاصرون، لكن منتداه يتبنى هذه الرؤية ويشد على غرزها.

أرجو أن أسمع منك في هذا الشأن ما يثلج الصدر ويزيدنا ثقة بمفكرينا، أو حتى ما يلجؤنا للاستغفار لهم.

المتقي
الأستاذ الفاضل محمد جابري : محمد عابد الجابري رحمه الله مفكر مغربي أصيل تعرفت على كتبه منذ كنت تلميذا في التعليم الثانوي ، فأقبلت على قراءتها دون أدنى صعوبة في فهم أفكاره، لسلاسة أسلوبه ووضوح أفكاره وبنائه المنهجي .
كان رحمه الله فيلسوفا أولا ،فاستهوته السياسة فانخرط فيها ، وارتقى في حزب الاتحاد الاشتراكي إلى أن وصل إلى المكتب السياسي . لكن لما تخلى الحزب عن خطه النضالي قدم استقالته في صمت ، وتفرغ للتأليف في الوقت الذي تفرغ فيه غيره للمناصب السامية والسياسية ، فألف كتاباته الضخمة حول العقل العربي بدءا بتكوين العقل العربي وانتهاء بكتاباته في تفسير القرآن الكريم مرورا ببنية العقل العربي والعقل الأخلاقي والعقل السياسي .. وفي كل هذا ، كان رجل علم و أخلاق ومبدإ .
وما أسميته بالمنعرجات وتموجات فكره ليست سوى محطات ووقفات كان الجابري رحمه الله يتوقف عندها لتقويم المرحلة التي يعيشها ، ويوجه بوصلة فكره الاتجاه السليم . و الأفعى التي لا تغير جلدها تموت . فلو لم يكن الجابري يتوقف هذه الوقفات ويقوّم وضعه ويوجه فكره ،لانتهى من زمان كما انتهى غيره ممن وضعوا نصب أعينهم هدفا واحدا وضحوا بكل شيء في سبيله ، فوصل بعضهم إلى أعلى المناصب وفقدوا مصداقيتهم التاريخية لما لم يحققوا للوطن ما كانوا يبشرون به ، و الباقي دخل منطقة الظل ونام في كهفه . أما الجابري فقد ظل حيا يسمع صوته حتى آخر ليلة من حياته .
ولم يكن رحمه الله في كل هذا متناقضا مع نفسه ، بل منسجما كل الانسجام مع ذاته ، ومشتغلا على مشروع واحد أتى فيه بما لم يأت به الأوائل ، فنفس المنهج ونفس الرؤية التي اشتغل بهما على ابن سينا والفارابي وابن رشد وابن خلدون هو نفسه المنهج الذي اشتغل به على البيان والبرهان والعرفان في بنية العقل العربي هو نفسه الذي اشتغل به على التفسير ، وهدفه في ذلك الوصول إلى فهم كنه العقل العربي الإسلامي في شموليته .
و ما أجمل أن يختتم حياته رحمه الله بخدمة النص القرآني ، ونيته في ذلك الاجتهاد فإن أصاب فذاك المراد ، و إلا فحسبه أنه اجتهد وله أجر الاجتهاد .
أما طه عبد الرحمان ، فينتمي إلى الحقل الفلسفي نفسه الذي ينتمي إليه الجابري ، وإن اختلفت زوايا النظر ، فالجابري كان عقلانيا ، وطه عبد الرحمان كان عرفانيا ، فاشتغل كل من زاوية نظره على المعرفة العربية الإسلامية ووصلا معا إلى نتائج قيمة .
وقد كان طه عبد الرحمان أطال الله في عمره ، رجل علم له نظرة خاصة في تقويم التراث وفي دراسة كتاب الله عز وجل . وقد حضرت محاضرة له تناول فيها بالدرس والتحليل قوله عز وجل:"إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا "فركز على معنى القول الثقيل ، الذي يراه في الوحي القرآني ، وهو ثقيل لأنه يقول بكلمات محدودة ما لا ينتهي من المعاني ، وهو ثقيل لأن هذه المعاني لايمكن أن تقال إلا بتلك اللغة لذا لا يمكن ترجمته ، لأن الترجمة لاتقول إلا معنى واحدا من معانيه.
ويبقى التصوف حقلا معرفيا من حقول المعرفة الإسلامية التي ترتقي بالروح الإنسانية من طبيعتها البشرية العادية إلا أرقى ما يمكن أن يصل الانسان في اتصاله مع خالقه . ويجمع فيه طه عبد الرحمان بين العلم والأخلاق ، فالعلم بلا أخلاق لا قيمة له .
وفي الختام لا يسعني إلا أن أنوه بمجهودات هؤلاء الفلاسفة الذي أدوا خدمة جليلة لخدمة التراث العربي كل من وجهة نظره . 

محمد جابري

الأستاذ الكريم د. علي المتقي؛
حياك الله على هذه النظرة الإيجابية لفكر الرجلين،
1- ترى كيف لنا أن نقطف زبدة الفكر من شجارها ذات الظل الظليل - رغم ما أتحفظ عليه من بعض كتابات الجابري وبخاصة في السبعينات - فضلا عما سبق لي أن تحفظت عليه من كتابات الأستاذ د. طه عبد الرحمن.؟
هي ولا شك جهود ينبغي الاستفادة منها وتحصيلها تعليما ودراسة وتتبعا؛ لنكون خير خلف لخير سلف. فالمجهودات الفردية قد تتلاشى وتضعف وقد تموت.
فما السبيل للنهل من معين الرافدين لسقي أراض شاسعة، نشرا لفضلهما ونفضا لغبار الفكر عن العقول؟


2- سبق لك أن تكلمت عن السياسة ومكرها وألاعيبها، ولا أريد خوض غمار أمواجها، بقدر ما أريد أن أسطر على مبدئك الذي دعاك للفرار من رجسها، ولا أخفيك أيضا أنني انسقت شطرا مهما من حياتي في دروبها، ولما غصت في بركة العلم قادتني وديانها إلى بحارها وانشغلت عن السياسة في انقطاع كلي، وانشغال لا يفتر المرء فيه، ولا يعرف توقفا، ولا يتذوق مللا ولا كللا رغم انشغاله ليل نهار.

وليست هذه المفارقة جامعة لطموحنا لوحدنا بل علمت مواقف لبعض شيوخي انعزلوا عن الحياة بحلوها ومرها، وانقطعوا للعلم والتعليم.
والسعيد من وعظ بغيره، فهل من رسالة أدبية للناشئة في هذا المسار؟
الأستاذ د. أحمد العبادي عرفته والتقيت معه، ووجدته بحرا عميقا وبخاصة فيما فتح الله له في مجال الدراسات القرآنية والتفسير ومقارنة الأديان، وبخاصة ما تميز به من فكر وسطي يستطيع به التأقلم مع أي بحر من بحور المعرفة.

لكن استقطابه من قبل المؤسسة الرسمية، - وهو الشيء الذي ثبت بعيدا عن أطماعها د. عابد الجابري رغم المغريات التي تعرض لها - ولا أشك بتاتا في صدقه وإخلاصه، لكنني أتساءل عن جهوده بعد دخوله أجنحة وزارة الأوقاف. لكونه لا زال أستاذا معكم في الجامعة بمراكش؟

بارك الله فيك

المتقي
الفاضل محمد جابري : السلام عليكم
فيما يخص المرحوم محمد عابد الجابري و الأستاذ طه عبد الرحمان ، لا تنظر إلى فكر كل منهما في جزئياته وتفاصيله ، ولكن انظر إليه في شموليته . فكلاهما يبني نسقا فلسفيا ورؤيا للوجود فوق هذه الأرض . وكل جزئية لم يُنظر إليها في سياقها النسقي قد تفهم فهما غير الفهم الذي أريد لها . كما أن حياة الجابري الفكرية أيضا هي رحلة تمتد من الستينيات حتى اليوم ، وخلال هذه المدة جرت مياه كثيرة تحت الجسر ، وعظمة الرجل في قدرته على التكيف مع كل مرحلة مرحلة وحفاظه على مكانته العلمية والفكرية خلال كل هذه المدة دون أن يكرر نفسه . كما أن ما قام به الجابري وطه عبد الرحمان هو ما يجب أن يقوم به كل أستاذ يصنف على أنه باحث . أي أن يكون له مشروع علمي يشتغل فيه طول حياته العلمية .
2 ـ العمل السياسي ليس شرا كله ، وليس خيرا كله ، لكن العمل السياسي كما يمارس اليوم في بلدنا ، يحتاج إلى أشخاص آخرين ليسوا من طينتي ، لذا نأيت بنفس عنه ، وأخلصت حبي لوطني ولكل من يخلص له .
ـ فيما يخص الأستاذ الفاضل أحمد العبادي ، فهو من جيلي ، تخرجنا معا من جامعة محمد الخامس في الفوج نفسه وعُينا معا بمراكش ، وكان نعم الأستاذ المثقف المنفتح . و المهام المسندة إليه الآن مهام علمية بالأساس ، فهو رئيس الرابطة المحمدية للعلماء ، وقد عرفت هذه المؤسسة تطورا مهما بعد التحاقه بها ، وذلك من خلال طبيعة الندوات التي يعقدها والأعداد الخاصة التي تصدرها المجلة التابعة له . لذا فأنا أحترم الرجل وأحترم علمه ، وأحترم المهام الموكولة إليه . فهو الرجل المناسب في المكان المناسب .

محمد يوب المغرب
السلام عليكم دكتور
1-أسألك سيدي في المقاربة النقدية وعلاقتها بالتنظير النقدي ألا ترون أن التنظير النقدي تجاوز بشكل كبير الممارسة النقدية التي مازالت تعاني من مسألة التخبط في الفهم المغلوط لكثير من المناهج مما يتسبب في قراءة النصوص قراءة تخرج هذه النصوص عن مضمونها؟
2- هناك من النقاد الذين يقرؤون الإبداعات الأدبية انطلاقا من المنهج البنيوي التكويني لكنهم يفصلون الداخل الي هو الشكل عن الخارج الذي هو المضمون. بم تنصحهم لكي لايفصلوا بين الداخل و الخارج؟
3- عندما أمارس النقد في مقاربة عمل أدبي ما انطلاقا من منهج أسميه بالمنهج التقاطعي أي أنه منهج يتقاطع مع كل المناهج النقدية حينها أتهم بأنني ألفق وأوافق بين هذه المناهج ما رأيك دكتور ؟
4- من من النقاد العرب المعاصرين الذين يمكن اعتماد دراساتهم في المنهج التداوالي؟
شكرا على هذه الإطالة وبارك الله فيك
محمد يوب

المتقي

الفاضل محمد يوب : السلام عليكم : شكرا على أسئلتكم النقدية المؤرقة والمقلقة في الآن نفسه :
العلاقة بين التنظير النقدي( المنهج) و النقد التطبيقي علاقة شائكة ومعقدة . وفهمها يقتضي بالضرورة فهم مصطلح منهج، وطبيعة النقد التطبيقي .
إن المنهج في أبسط تعريفاته تصور نظري يربط الذات الدارسة بالموضوع المدروس . ويتولد عن نظرة المنظر إلى الظواهر موضوع الدراسة في علاقاتها ببعضها وتفسيرها وتأويلها .وهذه النظرة بدورها ترتبط بالقناعات والمبادئ و العقائد الذي يؤمن بها المنظر ويفسر في ضوئها هذه الظواهر .
وحتى أُقرب الصورة أكثر سألجأ إلى التبسيط بالأمثلة ( على الرغم مما يمكن أن ينتج عن ذلك من إخلال بالإطار الفلسفي للمصطلح)
لنأخذ ظاهرة معينة، ولتكن هذه الظاهرة اجتماعية ، مثلا امرأة متسولة .
يمكن أن ننظر إليها من زاوية الوصف المحايد فنصف حالتها الرثة والبؤس التي تعيشه ، وطبيعة لباسها ونظراتها إلى الناس وعينيها الباكيتين إلى غير ذلك من الأشياء التي يمكن وصفها .
وقد ننظر إليها من زاوية ماركسية ، فنراها ضحية مجتمع رأسمالي متوحش ، وضحية تراكم رؤوس الأموال في يد أقلية من أفراد المجتمع ، واستغلال فضيع للأغلبية الساحقة .
وقد ننظر إليها من زاوية إسلامية ، فنرى أنها ضحية عدم تطبيق ركن من أركان الإسلام وهو الزكاة و انتفاء التراحم بين الناس ، وعد التفات الجار إلى جاره ، وغياب الإيثار ....
وقد ننظر إليها من زاوية نفسية ....
كل هذه الزوايا هي مناهج نفسر بها الظواهر موضوع الدراسة . لذا من الصعب أن نوفق بينها لنبحث عما يمكن أن نصطلح عليه بالمنهج التقاطعي أو التكاملي . لأن القارئ إما أن يكون ماركسيا أو إسلاميا أو لا هذا ولا ذاك ، وإنما هو مجرد واصف لحالة .
وكل منهج من هذه المناهج له مفاهيمه و آلياته التي يتوسل بها لفهم الظاهرة ووصفها وتفسيرها وتأويلها. وأهم خاصية لهذه المفاهيم هي أن تكون إجرائية و قادرة على الوصف والتفسير والتأويل .
عندما ننتقل إلى النص ، فهو لا يقدم إلينا نفسه بسهولة ، فلا بد من قراءته قراءة متأنية تسمح باكتشاف البوابة التي يمكن أن نلج منها إليه لإنتاج معرفة به . وهذا يتطلب تحديد الأسئلة التي ينبغي طرحها على النص والتي يكون تحليلنا إجابة مفصلة عنها . ونجاح التحليل مرهون بدقة الأسئلة ، التي تكون هي نفسها مرتبطة بالمبدإ ،والذي يتولد عنه الاختيار المنهجي . وإذا اجتمع كل هذا وامتلك القارئ المحلل ملاك التحليل فإنه سيصل لا محالة إلى إنتاج معرفة بالنص المحلل تشد إليه القارئ . ومن بين النقاد المبدعين في تحليلهم : الدكتور عبد الفتاح كليطو في قراءته للنصوص السردية التراثية .
وإذا افتقدنا إلى عنصر واحد من هذه العناصر ، فإن التحليل يتحول إلى تمارين تطبيقية أكثر منه تحليلا لنص أدبي .
فيما يخص البنيوية التكوينية ، فهي منهج عرف انتشارا كبيرا في المغرب في السبعينيات والثمانينيات ، إذ كان المنهج الذي استطاع الإجابة عن أهم الأسئلة المقلقة في تلك المرحلة . لكن مع سقوط جدار برلين وتراجع المد الماركسي ، خفت ضوءه لصالح المناهج الوصفية . وككل منهج معاصر يتبنى في وصفه روح اللسانيات ، لا يفصل بين شيء اسمه الشكل وشيء اسمه المضمون . وكل حديث عنهما راجع إلى عدم استيعاب مفاهيمه الإجرائية .

ماجي نور الدين

أستاذي العزيز ومفكرنا الكبير د. علي المتقي
هناك إشكالية أخرى بدأت في الظهور على الساحة
الأدبية المعاصرة وقد شكلت وجها جديدا لهذا الأدب
الذي يعتمد على الرمزية وإسقاطاتها الدلالية على النص
وماتحمله من الانعكاسات النفسية والتي تقوم على أساس
التأثير في القارىء دونما اهتمام بالصياغة الأدبية
فتتنصل من القواعد الأدبية التي تقوم على الثالوث
المعروف الذي يشمل " الفكرة " ، و " العاطفة "
و " التصوير " وهي الأركان التأسيسية للأدب
بشكل عام ، واستعمال هذه الرمزية بهذا الشكل يؤدي
إلى المغالطات الأدبية التي تتبنى النظرية النفسية للنص
فيظهر القص والسرد بكثافة على الساحة الأدبية المعاصرة
وخاصة على الشابكة ...
فما رأيك دكتورنا العزيز في هذا الرأي ؟؟
هل تؤيده وتتفق معه أن هذا الاتجاه أصبح يشكل
عاملا له حضور وأدبا جديدا يظهر على الساحة
الأدبية الآن ؟؟
وكما نعرف إن إخضاع أي نص للنقد يعتمد على
القواعد الإبداعية الأدبية في السبك والصياغة معتمدا
على بناء الفكرة وتشكيل عاطفة محركة في النص
ونسجهما معا في تصوير مبدع واسقاطاته الذكية
في ظل هذه القواعد البنائية الإبداعية ...
فكيف الحال في ظل هذا التيار الذي يغفل هذه القواعد
ويعتمد على التأثير النفسي فقط للنص وكيف يمكن نقده
في هذه الحالة ... ؟!
شكرا لك أستاذي العزيز ودائما أسعد بهذا التواصل
الجميل مع فكرك القيم والرائع ..
تقديري واحترامي
المتقي
الفاضلة ماجي : في الآداب والعلوم الإنسانية ، وفي المناهج بشكل خاص، من الصعب أن نتحدث عن الأخطاء والمغالطات ، فكل منهج منهج إلا ويوظف للإجابة عن أسئلة ملحة ومقلقة تكون محط اهتمام المرحلة. وعندما يتم تجاوز هذه الأسئلة يتم تجاوز آلياتها ، للبحث عن آليات أخرى للإجابة عن الأسئلة الجديدة . وبتطور الأسئلة تتطور المناهج، وفي هذه الحالة ن نتحدث عن تخطي وتجاوز المنهج السابق. في السبعينيات من القرن الماضي سادت عندنا في المغرب المناهج الاجتماعية وبشكل خاص البنيوية التكوينية ، وظلت مهيمنة لفترة طويلة تجيب عن أسئلة التصنيف الطبقي وتأثيره في الأدب و تجلياته على مستوى بنية النص ، لكن مع سقوط جدار برلين و تراجع الفكر الماركسي أمام هيمنة اللسانيات ، تراجعت البنيوية التكوينية ، لتهيمن المناهج الوصفية المتأثرة بروح اللسانيات مثل الشعرية البنيوية و التداوليات و السيميائيات .وبعد فترة وجيزة ، تم تجاوز المناهج التى تنظر إلى النص كبنية مستقلة ليتم الالتفات إلى أهمية القارئ في إنتاج المعنى . لذلك لننظر إلى هيمنة منهج من المناهج على مستوى الكتابات الرائدة على أنه مؤشر على صياغة أسئلة جديدة لمقاربة النص الأدبي . شكرا ماجي

نيران البريري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تضيع مني الكلمات في خضم هذه الكوكبة من العظماء
تحية طيبة لكم أساتذتي الأجلاء
من وجة نظري ارى ان الفكر العربي على حدي السيف أمجاد الماضي وحضارة مستوردة وليس هناك استقلالية ذاتيه لهاذا الفكر لعدم انتهاجه طريقة خاصة به تكون موضوعية ومدروسة تتناسب وصبغته الشرقية اَخذاً بعبرات الماضي ومُقيما للحاضر حتى يتسنى له بناء نسيج لحضارة متينة في بنيتها مستقلة عن غيرها من الحضارات
اعذروني فكثيرا ما اشعر باننا نعيش في اطلال الماضي
وكم اشعر بالأسى عندما أرى فئات كثيره تنتهج الفكر الغربي بكافة تفاعلاتها لدرجه انعدام الهوية العربية ف الكثير قد نشأ على فكر غربي بحت سواء اكان باحتلال او اعلام او حتى عن طريق المستشرقين او سياسة الانفتاح ......الخ
وشكرا على رحابة صدركم
وتقبلو مني فائق الاحترام والتقدير
المتقي
الفاضل المحترم نيران البربري : في وسط هذا التراكم المعرفي الضخم الذي يمتح إما من القديم فيكون طبق الأصل لما أبدعه قدماؤنا ، و إما من الغرب فيكون صورة مشوهة لما أنتجه الغرب ، نجد باحثين ومفكرين استطاعوا التأسيس لمشروعات فكرية عربية معاصرة مهمة. وهم أولئك الذين درسوا التراث العربي بعمق ، وانفتحوا على الدراسات الغربية ومناهجها ، فاستفادوا من روحها ومناهجها ، وطوروا القديم ليصير معاصرا لنا . ويمكن أن نذكر من بين هؤلاء في المغرب الذي أعرف بعض مفكريه و أساتذته الكبار : عبد الفتاح كليطو في الدراسات الأدبية الذي استطاع أن يؤسس لنفسه طريقة في التعامل مع النص الأدبي القديم لا توجد في ثقافتنا العربية ، وبشكل خاص في مقاربته للمقامات ورسالة الغفران .و عبد الله العروي في التاريخ ومحمد عابد الجابري وطه عبد الرحمان في الدراسات الفلسفية ومحمد العمري في الدراسات البلاغية وغيرهم كثير . قكل هؤلاء لهم مشاريعهم التي يحق لنا أن نفتخر بها في ثقافتنا العربية والمغربية خاصة . و الحكم عليها لا يصح إلا بالجلوس إليها من أجل فهمها و استيعابها . 

زحل بن شمسي فلسطين
وطأت سهلا ونزلت اهلا يا دكتورنا العزيز
نحن معكم نتعلم منكم ونحمل منكم راية الاستمرار والارتقاء ...
على اساس العلوم التي أبدعتها العقول البشرية الجبارة وخاصة علم الاجتماع البشري ومؤسسه ابن خلدون وتلميذه ماركس ...
الذي يدلنا على مفاتيح التطور البشري ...
لان التطور البشري تتحكم به الطبقات الاجتماعية ومصالحها وليس الامنيات الفردية..
والحداثة او العودة الى الاصالة هم نتائج لصراع طبقات المجتمع البشري وليس اساسا له ..
نحن معكم نتابع ما يخطه قلمكم وسلام من الله عليكم

علي المتقي

الفاضل المحترم زحل بن شمسين : العلاقة بين الأفراد و المجتمع علاقة معقدة و متداخلة ، فكل الأفكار التي تتبناها طبقة اجتماعية معينة لتجعل منها فكرها الذي يميزها، وتفسر به كل الظواهر الاجتماعية ، هي في الأصل فكرة فردية أبدعها أحد أفراد هذا المجتمع، فوجدت صدى في المجتمع، ووجدت من يتبناها و يعمل على الترويج لها وتفسيرها وتأويلها والإضافة إليها ، لتصبح في نهاية المطاف فكر فئة اجتماعية معينة يسود بسوادها ويخفت بخفوتها . و كل النظريات المعاصرة التي نعبر بواسطتها عن قناعاتنا الماضوية أو التغريبية أو غيرهما هي في الأصل أفكار شخص أو مجموعة أشخاص تم تبنيها من قبل فئة اجتماعية .
نحن في تفسيرنا لأسئلة عصر النهضة لا نتحدث عن الأماني بقدر ما نتحدث عن آراء تحاول تفسير ظاهرة معينة معطاة وجد العالم العربي نفسه فيها ، ونقوّم هذه الآراء ومدى صلاحياتها لتفسير الظاهرة الفكرية والاجتماعية الذين وجدنا أنفسنا مكرهين في خضمها بمدى مساهماتها في تقدم المجتمع وتطوره . وستتناسل الأجوبة ما دام السؤال يطرح .والقول بهذا الرأي أو ذاك مرهون بقناعاتنا و تصورنا لتطور المجتمعات و تقدمها .و كل رأي لا يلغي الرأي الآخر ما دمنا محصورين داخل القوقعة التي نسعى إلى التخلص منها .أرق التحايا

مراد عبيد
الاحبة المتحاورون السلام عليكم

بايجاز اقول :معلوم للجميع ان لحظات التاريخ التي تتحقق فيها قفزات حضارية كبيرة تقف وراءها طبقة او طبقات اجتماعية حية نشطة فاعلة تمسك بزمام المبادرة وتجد في ابناء الطبقة الوسطى قادتها . المتأمل للمجتمع العربي يجد انه وبكل طبقاته يعيش حالة من السكون والاستكانة والخمول ويكفي النظر الى معدلات النمو لنعرف . المجتمع العربي في مجمله مجتمع يسوده الفكر الاقطاعي البليد . وقد استطاع ان يسحق كل الاصوات المطلبة بالحرية والتحررعلى امتداد القرن الماضي ( قرن الشعوب وربيع التحرر) فكان هذا الانكفاء على الماضي . منذ قرن كانت هناك هذه التساؤلات : لماذا نحن متخلفون ؟ كيف نتقدم ؟ ماذا علينا ان نفعل ؟ وفي ذلك الحين تقدمت البرجوازية الوطنية في الدول العربية برؤيتها ممثلة بالاحزاب الوطنية و القومية بمشاريع وحلول . وتقدمت الفئات المسحوقة الواسعة برؤيتها ( حلمها ) ووجدت الحل في الاشتراكية والشيوعية ولكن - وكما حصل- فشل كلا المشروعين - لاسباب داخلية وخارجية - في انتشال المجتمعات العربية مما هي فيه .اليوم تطرح نفس الاسئلة ولكن بصوت واهن ذلك ان افرادا وعوائلهم بعينهم صاروا يحكمون ويتحكمون بمجمل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية في الدول العربية . اي ان الشعوب العربية تعيش في واقع الحال خارج التاريخ ولعل الشعب العراقي - في ظل حكم صدام حسين - يقدم صورة صارخة .هناك سؤال تاريخي طرحته كثير من (طلائع ) الشعوب واجابت عليه بطرق ناجحة مختلفة وهو : ما العمل ؟ اذن اطرح عليكم هذا السؤال الان :ما العمل؟

علي المتقي

الفاضل المحترم مراد عبيد : ما العمل ؟ سؤال أرق كل دول العلم الثالث بمفكريه وسياسييه ومنظريه . وكل الاقتراحات التي طرحت إلى حدود الساعة لم تتمكن من الدفع بدولة من الدول العربية الإسلامية إلى تجاوز الحالة المتردية التي تعيش فيها . لكن هل نيأس ونقول هذا قدرنا ؟ أم نتساءل مع نزار هل العروبة لعنة وعقاب ؟
أنا شخصيا لا أقول بذلك ولا أيأس ، و أعتقد أن أهم خطوة يجب القيام بها هو التخلي عن استيراد النظريات والأفكار الجاهزة وتطبيقها على مجتمعاتنا المغلوبة على أمرها . إن المجتمعات العربية ذات خصوصية يجب الالتفات إليها ، ولن يتم الالتفات إليها ما لم ننزل إلى الشارع لتتسخ أحديتنا بأتربتة ، والعيش في وسطه ، ومحاولة فهم هذا المجتمع بكل خصوصياته ومميزاته وعوائق تطوره ، و إبداع نظريات في التدبير و التسيير و التعليم و القضاء وأنظمة الحكم منبثقة من طبيعته ومتجاوزة معوقاته . إذ ذاك يمكن أن نكون قد وضعنا القطار على السكة الصحيحة . أما أن نعتمد على تصورات الآخرين الذين أبدعوها لمجتمعاتهم ونعدل فيها لتصير ملا ئمة لمجتمعاتنا ، فذلك الكسل والعجز بعينه . هذا رأيي ولكم واسع النظر .

زحل بن شمسين

لنا بعض الملاحظات والتساؤلات قد تكون صائبة وقد تكون خائبة؟؟

اقتباس:
في ظل هذه التربية الدينية و غير الدينية نشأ الإنسان العربي المسلم ميلا إلى الأفكارالدغمائية ( سلفية كانت أو لبرالية أو اشتراكية)
والواقع أن الأمر لا يخص حكامنا ، فكما تكونون يولىعليكم ، فالأمر يهم أيضا أحزابنا التي تنشق عنها كل سنة أحزاب أخرى بسبب الاختلاففي الرأي وحب الزعامة.

تعليق:
اذا كانت السلفية والليبرالية والاشتراكية السبب بتربية الانسان العربي والمسلم على الديماغوجية.... والحكام هم نتيجة لهذا المجتمع؟!
فمقولة فكما تكونون يولي عليكم غير صحيحة؟؟؟
هذا الشعب هو انتاج 4 فرقاء
1- النظام
2- السلفية
3- الليبرالية
4- والاشتراكية .....مع انه لايوجد اشتراكية بكل معنى للكلمة
وبذلك الاصح القول = كما ُيولي عليكم تكونون.....؟!
يعني مصيبة الشعب العربي القوى القائمة عليه؟!
لنعطي مثلا تصديقا لمقولة : كما يولى عليكم تكونون... مرحلة انتقال المجتمع المكي والمديني من الوثنية الى الاسلام....
نفس الوجوه نفس الاشخاص كانوا قبل وثنيين واصبحوا بتربية النظام القائم الا وهو الاسلام والنبي الامي ... قادة لتغير النظام الكوني باسره من االعبودية إلى الحرية.

اقتباس:
ومؤسساتنا الديمقراطية تمار س ديموقراطية شكلية لأن نتيجةالتصويت محسومة سلفا . ومؤسساتنا العلمية تُسيَّر بالطريقة نفسها ، وأسرنا يُسيَّرأغلبها بالطريقة نفسها . فمن أين تأتينا القدرة على تقبل الرأي الآخر ، والاستماعإليه ، و التعليق عليه بالقول التالي:
ومهما حاولنا أن نستورد المؤسسات الديمقراطية ، وأن نتبنى الشكلالديمقراطي ، فستبقى ديمقراطياتنا وحواراتنا حوارات تسير بآلة التحكم عن بعد ، مالم نغير طبيعة تعليمنا حتى نساهم في تكوينلاجيل جديد يؤمن بحرية التعبير و حريةالرأي و التعايش بين الطوائف والأديان و الأفكار ، ونسبية الحقيقة ، أما الحقيقةالمطلقة فلا يملكها إلا الله وحده.

تعليق:
طرح اكثر من رائع
ولكن لاننسى بان الغرب منذ الثورة الفرنسية دخل هذا المضمار اي الديموقراطية وفصل الدين عن الدولة ... اي منذ حوالي 300 سنة تقريبا
ونحن معظم اقطارنا ومنها العراق عمر دولته المستقلة الحوالي 30 سنة + 7 سنوات احتلال( اي ديموقراطية امريكية )
فكيف بطفل عمره بالمدنية 30 يوم يجاري عجوز عنده من العمر والخبرة زمن عتيا ؟؟؟؟

اقتباس:
السؤال الثالث: سؤالالفكر اليساري العربي الذي يتبنى المنهج الجدلي ، لكنه مع ذلك ـ يرى الجابري ـ يجد نفسه في حلقة مفرغة ،لأنه لايتبنى المنهج الجدلي كمنهج للتطبيق ،بل يتبناه كمنهج مطبق. فالتراث العربي يجب أن يكون في نظره انعكاسا للصراع الطبقي من جهة ،وميدانا للصراعبين المادية والمثالية من جهة ثانية.

تعليق:
هنا يطرح الجابري الحقيقة لوضعنا و يضع يده على طريق الحل
نحن الامة المادرحية اي فلسفتنا بالحياة لها بعدين منذ بداية التاريخ؛
1-- البعد الروحي
2-- البعد المادي
لهذا السبب ظهر عندنا التشريع الوضعي منذ 4500 سنة على يد المشرع حمورابي
والتشريع المنزّل من السماء وكان مسك الختام فيه النبي الامي ...
وبذلك معه انتهى اللاهوت وابتدأ التاريخ المادي للعرب اي الناسوت
اقتباس:
ـالرأي الثالث: يرى أنها هناك انتكاسة خطيرة، فقد كنا في النصف الأول من القرن العشرين أكثر تطورا وأكثر وعيا من اليوم.
و الواقع أن أن الآراء الثلاثة تمتلك نصيبا من الصحة ، وفي الآن نفسه تفتقد للدقة العلمية . فهي لا تنطلق من نفس التصور للنهضة والتقدم . فماهي تجليات النهضة والتقدم ؟ وما مدى تحققها ؟ ومتى نقول: إننا وضعناالقطار على السكة وأننا نسير في الاتجاه الصحيح ؟
ـ و الرأي عندي أن مؤشرات التقدم تنحصر في ما يلي:
ـ مؤشر محو الأمية
ـ مؤشر تعميم التعليموتطوره
ـ مؤشر حريةالتعبير وضمان الحقوق المدنية والسياسية
ـ مؤشر حضور المجتمع المدني و تأثيره في اتخاذ القرارات
ـ مؤشر النمو الاقتصادي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
 


تعليق:
نعم المؤشرات التي طرحت هي من مؤشرات التقدم ولكن لاتنجز التقدم والارتقاء الحضاري لنا ضمن تطلعتنا والانطلاق من تاريخنا..؟!
المشروع الحضاري المقرون بالاستقلال الاقتصادي والقرار السياسي هو الباب الوحيد نحو التطور.
اقتباس:
وما عشناه مع العراق ، ثم سوريا ( ضرب المفاعل النووي في العراق وسوريا علىالسواء)ونعيشه اليوم مع إيران دليل على عدم السماح لأي دولة في المنطقة بالتطورالعسكري الذي يخلخل موازين القوى القائمة حاليا .كما أن هذا الغرب لن يسمح للجامعةالعربية أن تقوم بدورها في تحقيق التضامن العربي.
وإذا كنا واقعيين ، وتخلينا قليلا عن ممارساتالسياسة والسياسيين و دغدغة عواطف الشعوب العربية التي لا تدرك كنه الأشياءوحقيقتها ، فإننا نقتنع بسهولة أن ما يمارس اليوم من حصار ضد غزة من الجانب المصريومن طرف دول عربية أخرى

تعليق:

قد يكون السلاح النووي عامل لتغيير الموازين ولكن ليس عامل اساسي لتحرير الارض والانسان.
البندقية اهم من السلاح النووي وثقافة المقاومة والنهج التحرري الفكري هو من يهزم الامبريالية والصهيونية.. والرجعية العربية ؟!
وليس السلاح النووي .

كم سنصنع من القنابل الذرية 100 او 200 ؟؟؟
عند امريكا واسرائيل الالاف المؤلفة ....
ونذكركم بروسيا عندها 7 الاف رأس نووي وقنبلة هيدروجينية ارث من الدولة السوفياتية العظيمة
وكان بوش يسحسح لبوتين على ظهره ولم يتجرأ الروس التصدي للامريكان بجورجيا الا عندما شعروا بان الامريكان واذنابهم من ايران لدول البدو بالخليج هزموا بالعراق على يد المقاومة الوطنية العراقية؟!


السلاح النووي لايخيف الغرب ...
بل يخيفه العلم والقوى المنتجة المنظمة..
لذلك عندم سُئل بوش عن اسلحة الدمار الشامل بالعراق وعدم العثور عليها ... قال بالحرف الواحد ولم يستحي ...
ال 40 الف عالم بكل اختصاصات العلم هم اسلحة الدمار الشامل .... لهذا السبب :
الموساد والحرس الايراني و برعاية الامريكان كانوا يقتلون العلماء العراقيين وكانت الحصيلة 3000 عالم من كل الاختصاصات اغتالتهم اجهزة العدو الغاصب للعراق .

اقتباس:

للهزيمة علاقة بطبيعة العقل العربي الذي يدبر أمور الأمة؟

طبعا له علاقة وطيدة ، فبعدالهزيمة مباشرة نشرت مجلة الآداب عددا خاصا طرحت فيه سؤالا على مثقفي العصر هو: ماهي أسباب الهزيمة ؟ فكانت الإجابات في معظمها تسير في اتجاه إدانة طريقة تفكيرنا، ومن هذه الإجابات التي أذكرها إجابةأدونيسالذييرى أن الفكر العربي يفتقد إلى مكونات تلاثة ،الحرية والإبداع و التغير، وهي المفاهيم الثلاثة التي بنى عليها مشروعه الحداثي فيمجلة مواقوإجابة نزارقباني التي تضمنتها قصيدته العصماءهوامش على دفترالنكسة، هذه


تعليق:
مشكلتنا بالنخبة التي تقول ما لا تفعل وهذه هي الكارثة وسبب الانحطاط؟؟؟؟
ادونيس : كلامه صح ولكن كلامه للترفيه فقط
اما نزار قباني فهو على النمط القديم للشعراء العرب اعزب الشعر اكذبه




هؤلاء يريدون...
كما صاحب العربة الذي يريد ان يصل الدير باعلى قمة الجبل
فيضع العربة امام الحصان ويقول له ادفش بي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
للوصول للقمة ..؟!
نريد ادباء وشعراء مثل المرحوم غسان كنفاني القلم بندقية والقول فعل ..؟؟!




================================================== ======
اقتباس:
، هذه الصرخة: " لماذا يتقدّمون و نحن نتأخر"،فكأنّني أسمعها لأول مرة ، بكل قوّة فجائيّتها ، رغم سماعها آلاف المرات
جعل شكيب أرسلان يصرخ أيضا"لماذا تقدّم الغرب و تخلّفالشرق"، الرعب الذي جعل عبدالله النديم يلجأ للضمير الغائب فيقول عنهم ،يتقدّمون ، خفّت وطئته ، فتجرأ أرسلان ليُسمي الضمائر واضحة "شرق" و "غرب" ، فكانتأكثر إخافة ، و أشدّ إثارة للقلق.






،===========================================




تعليق:




يا للكارثة هؤلاء هم النخبة والمثقفين بالامة يعجزون عن معرفة لماذا تقدم الغرب وتخلف الشرق...
بربكم هؤلاء يستحقون لقب النخبة؟؟؟؟
عندما سقطت دولة التخلف دولة بني عثمان كم كان عدد المدراس والجامعات بالبلاد الاسلامية ؟؟؟؟
كم كانت نسبة الامية...؟؟؟
قد تكون جاوزت المئة؟؟؟؟؟ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!






===========================================
اقتباس:




ينتج عنه تعدد الطوائف بعاداتها وتقاليدها وأعرافها وعباداتها ، مما ينتج عنهاختلاف بين أبناء القطر الواحد ، فنجد لكل طائفة مساجدها ، وأئمتها الذين يعلنونبداية الصيام ونهايته...
لذانحن ـ في المغرب العربي ـ لسنا ضد أي مذهب من المذاهب، ولا ننقص من قيمة أي مذهب ،لكننا نرفض تعدد المذاهب في وطننا ، حفاظا على وحدة المذهب ووحدة الأمة ، فوقفتالدولة ضد التشيع وضد المذهب الوهابي وضد السلفية الجهادية ، وضد التنصير باستغلالحاجات الناس وفقرهم.
الأستاذ الكريم فواز أبو خالد: معذرة أخي ، معاذ الله أن يصدر مني مس بأي مذهب من مذاهب الأمة ،أو تنقيص منه،وهابيا كان أم حنبليا أم غيرهما ، فلكل طائفة مذهبها التي تعتقد أنه الأصلح ، ولاأرفع من قيمة أي مذهب فوق باقي المذاهب حتى ولو كان المذهب المالكي الذي يسير علىنهجه المغرب . وما دعوت إليه وما زلت أدعو إليه هو وحدة المذهب . ولو كنت في الخليج، لاتبعت المذهب الذي يتبعه أهل الخليج إيمانا مني بأن كل المذاهب صحيحة.




===============================






تعليق:
ولكم مثلا بالهند يا اؤلي الالباب: اكثر من مئة لغة واكثر من خمسة اديان كبرى ومئات الطوائف ؟؟؟
وبالصين: فيسفائها وتنوعها اقل ويوجد حزب صارم يحكم هو الحزب الشيوعي ونجح بالانتقال بها من مرحلة التقوقع الى مرحلة الانفتاح ولم يقع بخطأ غوربان تشوف ؟!
وبكندا وبالولايات المتحدة الامريكة؟؟؟ كل اثنيات واديان العالم موجودة هناك..؟!




هل من المعقول مثقفينا لم ينتبهوا لهذا ؟؟؟




والتساؤل الاخير :




لماذا وجدت علوم السياسة والاقتصاد والاجتماع ....
اذا كانت حالتنا معجزة من المعاجز ولا نقدر على حلها بهذه العلوم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ولماذا نتعلمها بالمدارس كما العلوم الدقيقة التي اوصلت البشرية الى المريخ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟






هذا ما عندي من ملاحظات وتساؤلات ...
واتمنى ان يكون فيها فائدة للجميع
والسلام عليكم ورحمته وبركاته




رضوان هلال فلاحة


الأساتذة الافاضل ، أ. علي المتقي ، المحاورة الفطنة ماجي: أتمنى أن تلقى مداخلتي جميل اهتمامكم .
إن الجذروالاصل لمحنة العقل العربي المرتهن ونتاجه الفكري المتقرن والازمة المعرفية التي نعيشها يكمن في المنهج التربوي العقيم الذي بدد لغة الحوار وأبطل شورى الطرح في اللبنة الاولى في المجتمع(الاسرة)وبحثنا اليوم في ماض للحضارة والفكر المستنير وحاضر متخلف خاو عديم الجدوى . وحري بنا تجاوز ذلك وبناء جيل يفقه المرحلة بأبعادها المعيشة ، سلاحه العقل الحر الباحث، وأدواته المعرفة، ومثله الاعلى الفكر الذي يحمل الخطاب الواعي. والآخر الذي وضعتموه للمقارنة استطاع أن يبني هذه الثورة العلمية والمعرفية عندما تجاوز الإيدولجيات المتعفنة وصنع نموذجا للانسان الغربي الذي بتنا تارة نريد ان نماثله وأخرى نحاربه . والمراد الحقيقي الذي أرتئيه قراءة التجربة الغربية منهجا ونظرية واستيضاح الإيجابي والسلبي فيها ، والعودة إلى واقعنا المعرفي والحضاري بنظرة تشرحه لإيجاد الحلول وإعادة الهيكلة والصياغة للإنسان الشرقي (العربي) ....عذرا للإطالة بمداخلتي دون فائدة ترجى


علي المتقي
الفاضل رضوان هلال فلاحة : الفكر التأييسي لا يحل مشكلة أبدا ، ولن يخرجنا مما نحن فيه . إننا خطونا خطوات إلى الأمام بالتأكيد ، و رحلة الألف ميل ما زالت طويلة . وليس لنا خيار آخر إلا البحث والتجريب والمحاولة . وما دمنا نحاول سنصل حتما . أما أن نضع خدنا على أيدينا ونقول هذا قدرنا ، فأمر لا يقول به عاقل ولا جاهل . و إليك وإلى كل الإخوة هذه القصة الجميلة التي وصلتني اليوم عبر الإيميل :

القصة حدثت تفاصيلها في الأندلس في الدولة الأموية يرويها لنا التاريخ.وهي تحكي ثلاثة من الشباب كانوا يعملون حمّارين – يحملون البضائع للناس من الأسواق إلى البيوت على الحمير –
وفي ليلة من الليالي وبعد يوم من العمل الشاق ,
تناولوا طعام العشاء وجلس الثلاثة يتسامرون
فقال أحدهم واسمه " محمد " افترضا أني خليفة .. ماذا تتمنيا ؟
فقالا يا محمد إن هذا غير ممكن . فقال : افترضا جدلاً أني خليفة ..
فقال أحدهم هذا محال وقال الآخر يا محمد أنت تصلح حمّارا أما الخليفة فيختلف عنك كثيراً ..
قال محمد قلت لكما افترضا جدلاً أني خليفة , وهام محمد في أحلام اليقظة .
وتخيل نفسه على عرش الخلافة وقال لأحدهما : ماذا تتمنى أيها الرجل ؟
فقال : أريد حدائق غنّاء , وماذا بعد قال الرجل : إسطبلاً من الخيل 
وماذا بعد , قال الرجل : أريد مائة جارية ... وماذا بعد أيها الرجل , قال مائة ألف دينار ذهبا .
ثم ماذا بعد , يكفي ذلك يا أمير المؤمنين .
كل ذلك و محمد ابن أبي عامر يسبح في خياله الطموح ويرى نفسه على عرش الخلافة ,
ويسمع نفسه وهو يعطي العطاءات الكبيرة
ويشعر بمشاعر السعادة وهو يعطي بعد أن كان يأخذ ,
وهو ينفق بعد أن كان يطلب ,
وهو يأمر بعد أن كان ينفذ ، وبينما هو كذلك التفت إلى صاحبه الآخر وقال:
ماذا تريد أيها الرجل . فقال : يا محمد إنما أنت حمّار ,
والحمار لا يصلح أن يكون خليفة .....
فقال محمد : يا أخي افترض جدلاً أنني الخليفة ماذا تتمنى ؟
فقال الرجل أن تقع السماء على الأرض أيسر من وصولك إلى الخلافة ,
فقال محمد دعني من هذا كله ماذا تتمنى أيها الرجل ,
فقال الرجل : إسمع يا محمد إذا أصبحت خليفة
فاجعلني على حمار ووجِّهْ وجهي إلى الوراء
وأمر مناديا يمشي معي في أزقة المدينة
وينادي أيها النااااااا س ! أيها الناااااا س ! هذا دجال محتال
من يمشي معه أو يحدثه أودعته السجن
...وانتهى الحوار ونام الجميع ومع بزوغ الفجر استيقظ محمد وصلى صلاة الفجر وجلس يفكر ..
صحيح الذي يعمل حمارا لن يصل إلى الخلافة ,
فكر محمد كثيرا ما هي الخطوة الأولى للوصول إلى الهدف المنشود . توصل محمد إلى قناعة رائعة جداً وهي تحديد الخطوة الأولى حيث قرر أنه يجب أن يبيع الحمار
وفعلاً باع الحمار
وانطلق ابن أبي عامر بكل إصرار وجد .
يبحث عن الطريق الموصل إلى الهدف .
وقرر أن يعمل في الشرطة بكل جد ونشاط –
تخيلوا .. أخواني ... أخواتي الجهد الذي كان يبذله محمد وهو حمار يبذله في عمله الجديد ..
أعجب به الرؤساء والزملاء والناس وترقى في عمله حتى أصبح رئيساً لقسم الشرطة في الدولة الأموية في الأندلس .
ثم يموت الخليفة الأموي ويتولى الخلافة بعده ابنه هشام المؤيد بالله وعمره في ذلك الوقت عشر سنوات , وهل يمكن لهذا الطفل الصغير من إدارة شؤون الدولة .
وأجمعوا على أن يجعلوا عليه وصياً ولكن خافوا أن يجعلوا عليه وصياً من بني أمية فيأخذ الملك منه...
فقرروا أن يكون مجموعة من الأوصياء من غير بني أمية ,
وتم اختيار محمد ابن أبي عامر وابن أبي غالب والمصحفي .
وكان محمد ابن أبي عامر مقربا إلى صبح أم الخليفة واستطاع أن يمتلك ثقتها ووشى بالمصحفي عندها وأزيل المصحفي من الوصاية وزوج محمد ابنه بابنة ابن أبي غالب ثم أصبح بعد ذلك هو الوصي الوحيد ثم اتخذ مجموعة من القرارات ؛ فقرر أن الخليفة لا يخرج إلا بإذنه ,
وقرر نقل شؤون الحكم إلى قصره ,
وجيش الجيوش وفتح الأمصار واتسعت دولة بني أمية في عهده
وحقق من الانتصارات ما لم يحققه خلفاء بني أمية في الأندلس .
حتى اعتبر بعض المؤرخين أن تلك الفترة فترة انقطاع في الدولة الأموية ,
وسميت بالدولة العامرية . هكذا صنع الحاجب المنصور محمد ابن أبي عامر ,
واستطاع بتوكله على الله واستغلاله القدرات الكامنة التي منحه الله إياها أن يحقق أهدافه .
القصة لم تنته بعد ،ففي يوم من الأيام وبعد ثلاثين سنة من بيع الحمار .والحاجب المنصور يعتلي عرش الخلافة وحوله الفقهاء والأمراء والعلماء ..
تذكر صاحبيه الحمارين فأرسل أحد الجند وقال له : اذهب إلى مكان كذا ، فإذا وجدت رجلين صفتهما كذا وكذا فأت بهما .
ووصل الجندي ووجد الرجلين بنفس الصفة وفي نفس المكان ...
العمل هو هو .. المقر هو هو .. المهارات هي هي ..
بنفس العقلية حمار منذ ثلاثين سنة .. قال الجندي : إن أمير المؤمنين يطلبكما ,
أمير المؤمنين ؟ إننا لم نذنب . لم نفعل شيئاً .. ما جرمنا ..
قال الجندي : أمرني أن آتي بكما . ووصلا إلى القصر , دخلا القصر نظرا إلى الخليفة ..
قالا باستغراب إنه صاحبنا محمد ...
قال الحاجب المنصور : اعرفتماني ؟
قالا نعم يا أمير المؤمنين , ولكن نخشى أنك لم تعرفنا ,
قال : بل عرفتكما ثم نظر إلى الحاشية وقال :
كنت أنا وهذين الرجلين سويا قبل ثلاثين سنة
وكنا نعمل حمارين وفي ليلة من الليالي جلسنا نتسامر
فقلت لهما إذا كنت خليفة فماذا تتمنيا ؟ فتمنيا
ثم التفت إلى أحدهما وقال : ماذا تمنيت يا فلان ؟ قال الرجل حدائق غنّاء ,
فقال الخليفة لك حديقة كذا وكذا .
وماذا بعد قال الرجل : اسطبل من الخيل
قال الخليفة لك ذلك وماذا بعد ؟
قال مائة جارية , قال الخليفة لك مائة من الجواري ثم ماذا ؟
قال الرجل مائة ألف دينار ا ذهبا,
قال : هو لك وماذا بعد ؟ قال الرجل كفى يا أمير المؤمنين .
قال الحاجب المنصور ولك راتب مقطوع - يعني بدون عمل – وتدخل عليّ بغير حجاب .
ثم التفت إلى الآخر وقال له ماذا تمنيت ؟
قال الرجل اعفني يا أمير المؤمنين ,
قال : لا و الله حتى تخبرهم
قال الرجل :
قلت إن أصبحت خليفة فاجعلني على حمار واجعل وجهي إلى الوراء
وأمر مناديا ينادي في الناس
أيها الناس هذا دجال محتال من يمشي معه أو يحدثه أودعته السجن
قال الحاجب المنصور محمد ابن أبي عامر افعلوا به ما تمنى حتى يعلم( أن الله على كل شيء قدير .. )
هل تعلم ما هو الحمار الذي يجب أن نبيعه جميعاً ,
هي تلك القناعات التي يحملها الكثير مثل – لا أستطيع – لا أصلح
أنا لا أنفع في شيء ,
وأن نستبدل بها قولنا أنا أستطيع بإذن الله ..
إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني
عنيت فلم أكسل ولم أتبلد

زحل بن شمسين
بدون مشروع حضاري لا ولن نصل الى الحق والحقيقة ولن نرتقي
اعقلها يا فتى وثم توكل على الله...؟!
العقل هو المُشرّع الاعلى للبشرية
والايمان بالله هو معرفة نواميس وقوانين الوجود


والعمل والتجربة هما الوسيلة الوحيدة للاقتراب من الحق والحقيقة...
و الحقيقة هي الوجه الاخر للحق والحق هو الله...؟!


علي المتقي
الفاضل زحل بن شمسين :أتراني قلت غير هذا ؟ أتراني أقول بأن الارتقاء يكون بالتواكل؟ فأنا ممن يؤمنون بوجود مشروع حضاري ، وما أكثر المشاريع الحضارية التي طرحت منذ عصر النهضة ، ومع ذلك لم تجد طريقها إلي التحقيق . أليست القومية التي تبنها الفكر العربي في الأربعينيات و الخمسينيات مشروعا حضاريا كبيرا ؟ أليس المشروع الحداثي مشروعا حضاريا؟ إن أسباب الفشل والنجاح ليست أمرا سهلا يمكن الحسم فيه بهذه الوثوقية المطلقة التي يتكلم بها الكثير من الناس . كما أن الذين تبنوا هذه المشاريع ليسوا جهلة ولا أغبياء حتى يغيب عنهم ما نتحدث فيه . لكن التنظير شيء و النزول بالمشروع إلى حيز الواقع بكل تعقيداته شيء آخر . و إذا كنت أتيت بالقصة أعلاه كما وصلتني عبر الأنترنيت دون تدخل مني ، فلأؤكد شيئا واحدا ، هو أهمية نقطة الانطلاق .
تحياتي و احترامي


ماجي نور الدين




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أستاذي الغالي ومفكرنا الكبير


الدكتور علي المتقي ،،


لا أجد كلمة شكر تستطيع أن تعبر عن امتناني العميق


لهذا الحوار الرائع فرغم مشاغلك والتزاماتك لم تدخر


وسعا في الإجابة عن تساؤلاتي وكذلك تساؤلات الأخوة


الكرام الذين شاركونا الحوار والتحاور حول بعض


الإشكاليات الفكرية التي وجدت طريقها إلى الساحة


الأدبية والفكرية مؤخرا ..


شكرا لك ودائما أسعد بالتواصل الطيب بحضرتك


ولك دائما كل مساحات الود الجميل ..






أرق الأمنيات أن يحفظك الله سبحانه وتعالى


نبراسا منيرا يمنحنا دائما شعاع الأمل في غد


سيشرق حتما بكل النقاء والجمال ..


وإلى لقاء يتجدد بكل الود والمحبة الطيبة


أتركك في رعاية الله وأمنه ،،


أرق التحايا




/
/
/






ماجي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الأخوة والأخوات ..


كنا في لقاء الفكر مع أستاذنا الجليل


الدكتور علي المتقي ،،،


وكم كنت أتمنى أن يطول بنا الوقت ويمتد لننهل


من فيوضات فكره الرائع ،،


ولكن هو موسم الامتحانات وعلينا ألا نثقل


على أستاذنا الغالي ، لذا سننهي اللقاء عند هذا الحد ..


مع وعد بــ لقاءات أخرى تحمل كل المتعة


والإفادة ،،


دمتم أحبة نسعد بكم وبقربكم تحلو الأيام


أرق التحايا




/
/


ماجي


__________________
علي المتقي


الفاضلة المحترمة ماجي : أنا بدوري قضيت بقربكم وفي ضيافتكم لحظات جميلة سعدت فيها باللقاء معكم والحوار معكم، فألف شكر لكم موصول بالتقدير و المحبة الصادقة .
و الشكر أيضا موصول لكل الإخوة الذين تدخلوا مستفسرين أو مناقشين أو معترضين على هذا الرأي أو ذاك . فلولاهم ما كان ليستمر النقاش كل هذه الأيام .
ولا يفوتني أن أقف إجلالا و احتراما أمام الأستاذ الجليل عبد الرؤوف النويهي الذي أبى إلا أن يشاركني هذا الفضاء ويحلق بي شخصيا إلى زمن بقدر ما يؤلم بقدر ما نحن إليه لأن حلمنا فيه كان كبيرا ، وكان الأمل في تحققه نهرا جاريا . فألف محبة للجميع .































































ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق