يحتفل المغاربة هذه الأيام بذكرى المولد النبوي.
و هي من العادات التي جرى بها العمل في المغرب و في العديد من البلاد الإسلامية
منذ القديم، و تناولت كتب التاريخ ما كان يجري فيها من طقوس الاحتفال على المستوى
الشعبي و الرسمي، و استعرضت ما كان ينشد فيها من قصائد المديح النبوي المسماة
عندهم بالمولديات، و ما كان يتلى في المجالس الخاصة و المساجد الجامعة من كتب
السير، تعريفا بالمصطفى (ص) و بسيرته في قومه و أصحابه.
و
لأننا نعلم أن وسائل الإعلام الحديثة قد فعلت في عقول نسائنا و
شبابنا و مواطنينا
الأفاعيل، إذ دخلت بيوتهم و استحوذت على آذانهم لتسكنها وقرا، و لتحول بينهم و بين
سماع غير ما تقول، فصار الحق ما قال شيوخ الفضائيات، و البدعة ما وجدنا أسلافنا
يفعلون. و هو ما ينبغي أن يتصدى له فقهاؤنا و شيوخنا مبصرين مفسرين، و هو ما ينبغي
كشف سجوفه، و إجلاء حقيقته: فليس كل ما نسمع في وسائل الإعلام صحيحا، و لسنا
ملزمين بالاقتداء بشيوخ فضلاء لهم آراؤهم الاجتهادية في العديد من المواضيع،
والحالة أن لنا فقهاءنا و أعلامنا و علماءنا. و هم أدرى بطبيعتنا و تاريخ عاداتنا،
وبعلاقاتنا بربنا، و بما يقبله ديننا الحنيف على مذهبنا و ما لا يقبله. و هم أحق
بالاستماع إليهم والاهتداء بهديهم قبل غيرهم. فكذلك كان علماؤنا يفعلون منذ
القديم. و قد حدثني واحد من جلة فقهاء سوس ونحن نتحدث في موضوع مماثل، فقال صادقا
و مطمئنا: ثق أن كل ما كان المغاربة يفعلون في دينهم و دنياهم مؤصل شرعا، إذ ما
كان فقهاؤهم القدامى رحمهم الله ليقروا إلا ما يطابق الشريعة و لو بوجه…أو هو من
العفو الواجب التوسيع فيه على الناس. و قد كانت لهم الكلمة الفاصلة في العديد من
النوازل طيلة تاريخ المغرب.
و بناء عليه، أرجو السماح لي ببيان رأي في المسألة. و هو رأي منطلق مما قرر سلفا،
و قابل للمناقشة الهادئة التي لا تنشد إلا الاضاءة أو الإفادة.